السبت، 28 أبريل 2012

النفس الموفقة نعمة تستوجب الشكر


التوفيق من الأمور التي لا تطلب إلا من الله ومن اتقى الله تعالى وملأ الإخلاص قلبه وأكثر من الدعاء وعلم الله صدق نيته أخذ بمجامع الأسباب الموصلة إلى التوفيق من الله – عز وجل – الذي لا غنى للعبد عنه في الدنيا والآخرة وقال تعالى: “يا أيها الذين أمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم” سورة النور الآية 21.

أحمد شعبان (القاهرة) – يقول الدكتور زكي عثمان –أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر– جاء في تفسير هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى نهى عن الذنوب وسائر المعاصي المتعلقة بالقلب واللسان والبدن ونهى عن اتباع خطوات وطرق ووساوس الشيطان ومن حكمة الله سبحانه وتعالى أن بين الحكم وهو النهي عن اتباع خطوات الشيطان والحكمة من هذا النهي لأن الشيطان يأمر بالفحشاء والمنكر ونهي الله عز وجل لعباده عن هذه المعاصي نعمة منه عليهم وتوفيق يستوجب أن يشكروه ويذكروه لأن في ذلك صيانة لهم عن التدنس بالرذائل والقبائح وإحسان من الله على عباده المؤمنين ولولا فضل الله تعالى على عباده ما وفق وتطهر وزكي أحدا من عباده من اتباع خطوات الشيطان لأن الشيطان يسعى في الدعوة إلى الذنوب والمعاصي وتحسينها في نفوس البشر والنفس الإنسانية ميالة إلى السوء وأمارة به ولذلك كان من توفيق الله تعالى لعباده أن زكاهم بالتطهر من الذنوب والسيئات وكان من دعاء النبي –صلى الله عليه وسلم:”اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها”.

تزكية النفس

ويضيف عثمان: النفس الموفقة تكون من الله عز وجل قال تعالى: “قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب” سورة هود الآية 88 تتحدث الآية عن قصة نبي الله شعيب عندما قال لقومه إنه على يقين بما جاء به من الله عز وجل وانه لا ينهاهم عن البخس في المكيال والميزان ويأتي بهذا الفعل المشين وأن الله أعطاه الكثير من المال وانه بريء من هذه التهمة فهو لا ينهاهم عن شىء إلا وهو تاركه وليس له مقصد وهدف يخصه إلا أن يصلح أحوالهم وتستقيم أمورهم ولما كان هذا فيه نوع من تزكية النفس قال “وما توفيقي إلا بالله “ أي كل ما يحصل له من التوفيق لفعل الخير والبعد عن الشر يكون من الله تعالى لا بحوله ولا قوته فعليه التوكل والاعتماد في كل الأمور وتؤكد هذه القصة أن العبد ينبغي له ألا يتكل على نفسه طرفة عين بل يظل مستعينا بربه متوكلا عليه سائلا إياه التوفيق وإذا حصل للإنسان شىء من التوفيق فلينسبه لله عز وجل ولا يعجب بنفسه.
ويوضح عثمان: فمن وفقه الله لتزكية نفسه فقد أفلح وفاز وقال تعالى: “قد أفلح من تزكى” سورة الأعلى الآية 14 وأعلى مراتب توفيق الله لعبده أن يحبب إليه الإيمان والطاعة ويكره إليه الكفر والمعصية وهى المرتبة التي نالها أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم– وامتن الله تعالى بها عليهم في قوله تعالى: “واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون” سورة الحجرات الآية 7 والتوفيق من الأمور التي لا تطلب إلا من الله ولا يقدر عليه إلا هو ومن طلبه من غيره فهو محروم وقال تعالى: “إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء” سورة القصص الآية 56 وبهذا جاء التوجيه النبوي وقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم:” دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت”.

التوفيق من الله

وقد يظن بعض الناس أنه وفق من نفسه عندما يرزق بمال أو منصب أو جاه أو غير ذلك من الأمور الدنيوية وهذا الظن خاطىء لأن الدنيا يعطيها الله تعالى من يحب ومن لا يحب وقد تحدث الله تعالى عن هذا الإنسان حيث قال تعالى: “فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن” سورة الفجر الآيتان 15-16 والصحيح أن الإنسان صاحب النفس الموفقة هو الذي إذا أعطى منصبا أو جاها استعمله في مرضاة ربه ونصرة دينه ونفع إخوانه وإن رزق مالا أخذه من طريق حلال وصرفه في طاعة ربه ومن حكمة الله تعالى أن يبتلي عباده فالإنسان الموفق إذا أعطي شكر والمخذول هو الذي إذا أعطي طغى وكفر قال تعالى:” كلا إن الإنسان ليطغى . أن رءاه استغنى “ سورة العلق الآيتان 6-7 وقال تعالى عن نبي الله سليمان:” قال هذا من فضل ربي ليبلوني ءأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم” سورة النمل الآية 40.

وصور توفيق الله لعباده المؤمنين كثيرة منها التوفيق للعمل الصالح على اختلاف أنواعه بدنيا أو ماليا أو قوليا والله عز وجل بين أن الطاعة والتوفيق لها هو الفوزالعظيم فقال سبحانه: “ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما” وجاء في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله قالوا يا رسول الله وكيف يستعمله قال يوفقه لعمل صالح قبل موته” ومنها أن يعرض الخير على أناس فلا يقبلونه ويردونه حتى ييسر الله تعالى له من أراد به الخير من عباده ولنا في رسول الله –صلى الله عليه وسلم– أسوة حسنة عندما مكث 10 سنوات يعرض نفسه على القبائل لينصروه فلم يستجيبوا له حتى وفق الله الأنصار له واستقبلوه بترحاب كبير فنالوا الشرف العظيم في الدنيا والآخرة.

الأعمال الصالحة

ومن صور التوفيق أيضا أن يوفق الله المؤمن في آخر حياته للأعمال الصالحة فيموت عليها ويختم الله بها أعماله كما جاء في حديث أنس –رضي الله عنه– قال: كان غلام يهودي يخدم النبي –صلى الله عليه وسلم– فمرض فأتاه النبي –صلى الله عليه وسلم– يعوده فقعد عند رأسه فقال له: أسلم فنظر إلى أبيه فقال له: أطع أبا القاسم فأسلم وخرج النبي –صلى الله عليه وسلم– وهو يقول: “الحمد لله الذي أنقذه بي من النار”. والتوفيق لنشر الخير والدعوة إلى الله وإصلاح الناس فإن هذه مهمة الأنبياء والرسل وقد قال الله عز وجل: “ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين”.

ومنها أن يوفق العبد للتوبة من الوقوع في المعاصي حتى لو تكررت منه أو يحال بينه وبين المعاصي فلا يستطيع أن يصل إليها فإن هذا من علامة التوفيق والسداد قال الله تعالى:” والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما” وأن يوفق العبد لنفع الناس وقضاء حوائجهم كما صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “أحب الناس إلى الله أنفعهم” وأن يوفق الإنسان في عشرة أهله والإحسان إليهم قال -صلى الله عليه وسلم: “خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي”.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق