السبت، 28 أبريل 2012

فتاوى


اختلاف النية بين الإمام والمأموم مبطل

◆ لقد كنت مسافرا لمسافة أكثر من 100 كيلو متر من مكان إقامتي، وجاء وقت صلاة العشاء، فوجدت جماعة من المقيمين يصلون العشاء فصليت معهم إلى الركعة الثالثة، ألا وهي صلاة المغرب وسلمت من الصلاة، ثم صليت العشاء بمفردي ركعتين فهل هذا جائز في صلاة القصر والجمع وهو جمع تأخير؟

◆ الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد..

◆ فما فعلته غير جائز وصلاتك للمغرب خلف مصلي العشاء غير صحيحة، إذ لابد من كون الصلاة التي يصليها الإمام هي نفس الصلاة التي يصليها المأموم، قال العلامة الشيخ عليش شارحا لكلام الشيخ خليل: “و” شرط الاقتداء “مساواة” بين إمام ومأمومه “في” ذات “الصلاة” فلا تصح ظهراً خلف عصر ولا عكسه فإن لم تحصل المساواة بطلت”، أي بطلت صلاة المأموم، وننبهك إلى أن المسافر إذا صلى خلف المقيم يجب عليه أن يتم معه إذا أدرك معه ركعة، ففي التاج والإكليل للشيخ المواق: “قال مالك: إذا صلى المسافر خلف المقيم اتبعه وأتم معه قال: وكذلك إذا أدرك - يعني المسافر - ركعة واحدة من صلاة المقيم فإنه يقضي ثلاث ركعات”، وصلاة العشاء غير صحيحة لأن مغربك لم تكن صحيحة، فيجب عليك قضاء كل من المغرب والعشاء، والله تعالى أعلم.
الشك في عدد الركعات

◆ ماذا أفعل إذا شككت في عدد الركعات التي أديتها “في صلاة المغرب،اثنتين أم ثلاثاً” ؟

◆ لا تبرأ ذمة الإنسان في أداء العبادة إلا باليقين، فما دمت قد شككت في عدد الركعات فليكن البناء على اليقين، وهو الأقل أي تأتي بركعة وتسجد سجدتين للسهو بعد السلام، فمن شك في صلاته هل صلى مثلا في صلاة المغرب ثلاثاً أم اثنتين فإنه يبني على اليقين، ويعتبرها اثنتين ويأتي بركعة ويسجد بعد السلام لاحتمال الزيادة، قال العلامة الخرشي رحمه الله تعالى عند قول الشيخ خليل: “كمُتِمٍّ لشك”، قال: “يعني أن الشخص المصلي إذا شك هل صلى ثلاثاً أم أربعاً، ولم يكن موسوساً، فإنه يبني على الأقل المحقق ويأتي بما شك فيه ويسجد بعد السلام لاحتمال زيادة المأتي به”، والله تعالى أعلم.

الحناء على ظاهر اليدين وباطنهما

◆ هل الحناء على ظهر اليد حلال أم حرام؟

◆ لا حرج على المرأة في التزين بالحناء، سواء كان ذلك في ظاهر اليد أم في باطنها من غير حد في ذلك، ففي مسند الإمام أحمد قول النبي صلى الله عليه وسلم لإحدى الصحابيات: “اختضبي، تترك إحداكن الخضاب حتى تكون يدها كيد الرجل”.

وحتى المرأة غير المتزوجة لا حرج عليها في الحناء، فقال العلامة القرافي رحمه الله في كتابه الذخيرة: “لم يكره مالك للشابة العزبة الخضاب والقلادة، فعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن امرأة أتته فقال لها: “ما لك لا تختضبين ألك زوج”؟ قالت: نعم قال: “فاختضبي فإن المرأة تختضب لأمرين إن كان لها زوج فلتخضب لزوجها وإن لم يكن لها زوج فلتختضب لخطابها”. وعلى هذا فالحناء في اليدين والرجلين من زينة النساء من غير تحديد في ذلك، والله تعالى أعلم.

زواج المرأة من معاقٍ ذهنياً

◆ أود أن أعلم هل يجوز الزواج من معاق ذهنياً؟ تود صديقتي تزويجي من أخ لها معاق ولم أمانع، ولكن أود معرفة رأي الشرع في ذلك، هل يجوز أم لا؟

◆ جزاكِ الله خيراً أيتها الأخت السائلة على سؤالكِ، وزادكِ حِرصاً، ونسأل الله أن يرزقك بالزوج الصالح. واعلمي ـ رعاك الله ـ أن الحياة الزوجية تقوم أساساً على المودة والرحمة، فهو آية عظيمة من آيات الله تعالى؛ قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) “الروم:21”، وقوله تعالى: “لتسكنوا إليها”، أي لتميلوا للأزواج وتألفوهن “وجعل بينكم مودة ورحمة”، أي جعل بين الزوجين المودة والرحمة فهما يتوادّان ويتراحمان من غير سابقة معرفة ولا قرابة ولا سبب يوجب التعاطف.

ومن مقاصد الزواج إشباع الغرائز الروحية والبدنية، وهذا إنما يحدث من خلال سلامة البدن واستقامة الطبع في الزوجين، وحدوث الخلل في النواحي السابقة لدى أحد الزوجين يُعَدَّ عائقاً أمام تحقيق إحدى أهم ثمرات الزواج وهي الوئام والانسجام؛ لذا كان من العيوب التي تثبت الخيار ويمكن لكل طرف من الزوجين أن يرد بها الآخر، كما بيَّنها الفقهاء الجنون وما في معناه، وهذا لأن الجنون عِلَّة تمنع الكمال النفسي المُفضي إلى حدوث الاستقرار وحصول المودة والألفة وتبادل المشاعر بين الزوجين، وتحقيق المعنى المراد من الزواج،

كما قال تعالى: “لتسكنوا إليها” ويدخل في معنى الجنون الوسواس والصرع والخَبَلُ، وغيرها مما من شأنه ذهاب العقل وعدم التمييز، قال الإمام الخطيب الشربيني الشافعي رحمه الله في مغني المحتاج: (وَالْجُنُونُ زَوَالُ الشُّعُورِ مِنْ الْقَلْبِ مَعَ بَقَاءِ الْحَرَكَةِ وَالْقُوَّةِ فِي الْأَعْضَاءِ... وَأَلْحَقَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الْخَبَلَ بِالْجُنُونِ، وَالْإِصْرَاعُ نَوْعٌ مِنْ الْجُنُونِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ.(اهـ).

والحاصل مما سبق، أن المعاق ذهنياً يدخل في مسمى الجنون، لعدم إدراكه عموماً، وبخاصة لأمور الحياة الزوجية، وهذا مما يُفوِّت على المرأة حقوقها، ويُضيع إحدى أهم غايات الزواج.

ومع ذلك فلكِ الخـيار في قـبوله أو ردِّه، فإن قبلتِ أختي السـائلة الزواج من هذا الرجل المُعاق ذهنياً، ورضيتِه شفقة منك عليه، ورأيت من نفسـك الاحتمال والصبر على ما فيه من قصور وضعف، وأيقنت السلامة والأمن على نفسك من الفتنة ـ فالغالب على هذا الرجل وربما المؤكد قصوره عن القيام بالحقوق الزوجية ـ فيجوز لك الزواج منه، وأنت مأجورة على صبرك عليه ورعايتك له، وإن رأيت من نفسك عدم احتمال قصوره أو الصبر على ضعفه أو خشيت على نفسك الفتنة فيجوز لك رفض الزواج منه ابتداء.

وينبغي أن تعلمي أختي السائلة أنكِ إن قبلتِ الزواج منه مع وجود هذا العيب “الإعاقة الذهنية”، فإنه يسقط خِياركِ بعد الزواج، وربما يقودك عدم الصبر والاحتمال إلى ما لا تحمدي عقباه، والنصيحة أن تستخيري الله تعالى، وتستشيري أهل الحكمة والعقل من أهلك، فما خاب من استخار، ولا ندم من استشار، والله تعالى أعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق