قال الله تعالى في كتابه الكريم، «لَقَدْ مَنَّ الله عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ»، سورة آل عمران، الآية 164.
نحن نعيش في هذه الأيام في ظلال شهر كريم، هو شهر ربيع الأول، وعندما يهل هلال شهر ربيع الأول في كل عام، يتذكر المسلمون ذكرى ميلاد حبيبهم ورسولهم محمد، صلى الله عليه وسلم، فهي ذكرى غالية على قلوبهم، وعزيزة على نفوسهم، كيف لا وهو رسول البشرية بأسرها، ومثال الإنسانية في أتم صورها، فهو رحمة الله للعالمين، وخاتم النبيين، عليه الصلاة والسلام، فقد كان مولده، عليه الصلاة والسلام إيذاناً بالنور الساطع الذي بدد ظلمات الجاهلية وعبادة الأصنام، كما قال الله تعالى: (قَدْ جَاءكُم مِّنَ الله نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ)، “سورة المائدة، الآية 15”، فالنور هو محمد صلى الله عليه وسلم ، والكتاب المبين هو المعجزة الخالدة (القرآن الكريم)، ومن المعلوم أنه صلى الله عليه وسلم قد قضى على مظاهر الشرك والإباحية والطغيان، فحرم القتل والزنا والخمر وكل المنكرات، وزلزل العروش العاتية، فكانت اليرموك وفيها القضاء على القياصرة، وكانت القادسية وفيها القضاء على الأكاسرة، كما كان - عليه الصلاة والسلام - بشير خير للبشرية، يبشر بقيام دولة عادلة وأمة راشدة، هي خير الأمم التي أخرجت للناس.
من نعم الله
إن ميلاد نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، نعمة أنعم الله بها على الإنسانية، حيث يجب عليهم أن يشكروا هذه النعمة؛ لأنه، صلى الله عليه وسلم، يهديهم إلى الصراط المستقيم، فقد صنعه الله على عينه، وأحاطه برعايته، وشمله بلطفه ورحمته، وخصه بعميم فضله وكرامته، حيث إن الرسالة التي جاء بها محمد، صلى الله عليه وسلم، رسالة كفلت للبشرية سعادتها في الدنيا والآخرة.
كما قال ربعي بن عامر - رضي الله عنه: “إن الله قد ابتعثنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله الواحد القهار، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل وسماحة الإسلام”.
ولم يعرف التاريخ قديمه أو حديثه شخصية أبعد أثراً في النفوس، وأعمق تأثيراً في القلوب من محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي نال منزلة دونها كل منزلة، واستأثر بحب يتضاءل أمامه كل حب، سوى حب الله سبحانه وتعالى.
من فضائل النبي
لقد فضل الله سبحانه وتعالى بعض الأنبياء على بعض كما في قوله تعالى: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ الله وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ)، “سورة البقرة، الآية 253”.
ومن المعلوم أن الله سبحانه وتعالى قد كلم سيدنا موسى - عليه الصلاة والسلام - من وراء حجاب، ولكنه في ليلة الإسراء المعراج كلّم نبينا - صلى الله عليه وسلم - بغير حجاب، كما أن سيدنا موسى - عليه الصلاة والسلام - يقول لربه: (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي)، “سورة طه، الآية 25”، والله سبحانه وتعالى قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ)، “الشرح الآية 1”، كما أن سيدنا موسى - عليه الصلاة والسلام - يقول لربه: (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى)، “سورة طه، الآية 84”، والله عز وجل قال لحبيبه - صلى الله عليه وسلم -: (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)، “سورة الضحى، الآية 5”.
وعند دراستنا للسيرة النبوية الشريفة، نجد أن فضائل رسولنا الأكرم - صلى الله عليه وسلم - لا تُعَدُّ ولا تحصى، ومنها:-
◆ تفضيله - صلى الله عليه وسلم - على الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -، لقوله - صلى الله عليه وسلم - : “فُضِّلتُ على الأنبياء بستٍّ: أعطيتُ جوامعَ الكَلِمِ، ونُصِرْتُ بالرعب، وأُحِلَّتْ ليَ الغنائم، وَجُعِلتْ ليَ الأرضُ طهوراً ومسجداً، وَأُرسْلِتُ إلى الخلقِ كافَّة، وخُتم بيَ النبيُّونَ”، (أخرجه مسلم).
◆ وهو - صلى الله عليه وسلم - الأسوة الحسنة لكل إنسان يرجو الله والفوز بجنته والنجاة من ناره، كما قال سبحانه: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو الله وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)، “سورة الأحزاب، الآية 21” فهو الأسوة الحسنة للأب، والجد، والزوج، والمربي، والطبيب، والقائد، وولي الأمر، فهو الرحمة المهداة - صلى الله عليه وسلم-.
◆ كما أنه - صلى الله عليه وسلم - سَيْدُ البشر يوم القيامة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: “أنا سَيِّدُ وَلَدِ آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواءُ الحمد ولا فخر، وما من نبيٍّ يومئذ آدمَ فَمَنْ سواه إلا تحت لوائي، وأنا أوَّلُ شَافعٍ وأَوَّلُ مُشفَّعٍ ولا فخر”، (أخرجه أحمد).
◆ ومن المعلوم أن الله قد شرح صدره - صلى الله عليه وسلم - ووضع وزره، ورفع ذكره قال تعالى: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ , وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ , الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ , وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ)، “سورة الشرح، الآيات 1 - 4”.
قال قتادة: “رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة، فليس هناك خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ينادي بها: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله”، وكما قال الشاعر:
وَضَمَّ الإلهُ اسمَ النبي إلى اسمه
إذ قال في الخمسِِ المؤذنُ أشهدُ
وَشَقَّ له من اسمِه لِيُجِلـَّهُ
فذو العرشِ محمودٌ وهذا مُحَمَّدُ
◆ كما مدح الله سبحانه وتعالى نبيه الكريم - صلى الله عليه وسلم - بما أكرمه به من مكارم الأخلاق ومحاسن الصفات، كما في قوله سبحانه وتعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، “سورة القلم، الآية 4”، وقوله - صلى الله عليه وسلم- : “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، (أخرجه الطبراني).
محبته
وذكرت كتب السيرة أن الصحابي الجليل ثوبان، رضي الله عنه، كان خادماً للرسول، صلى الله عليه وسلم ، وقد دخل عليه - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فوجده يبكي، فسأله: (ما يبكيك يا ثوبان)؟
فقال: يا رسول الله، أبكي لأنك إذا غبتَ عني اشتقتُ إليك، فإذا تذكرتُ الآخرة وأنك ستكون في أعلى درجات الجنة، ولن أراك فيها ازداد بكائي شوقاً إليك يا حبيب الله.
(كما وروى ابن جرير عن سعيد بن جبير قال: جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محزون، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: “يا فُلان ما لي أَرَاكَ مَحْزُوناً؟
“فقال: يا نبيَّ الله، شيء فكرت فيه، فقال ما هو؟ قال: نحن نغدو ونروح ننظر إلى وجهك ونجالسك، وغداً ترفع مع النبيين، فلا نصل إليك، فلم يرد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئاً، فأتاه جبريل بهذه الآية (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم منَ النَّبِيِّينَ) الآية، فبعث النبي - صلى لله عليه وسلم - فبشره.
وعن عائشة، قالت: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله! إنك لأحب إليَّ من نفسي، وأحب إليَّ من أهلي، وأحب إليَّ من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك، فما أصبر حتى آتيك، فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلتَ الجنة رفعتَ مع النبيين، وإن دخلتُ الجنة خشيت أن لا أراك، فلم يرد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى نزلت عليه: (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا)، “مختصر تفسير ابن كثير للصابوني 1/412”.
الدكتور يوسف جمعة سلامة
خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك
نحن نعيش في هذه الأيام في ظلال شهر كريم، هو شهر ربيع الأول، وعندما يهل هلال شهر ربيع الأول في كل عام، يتذكر المسلمون ذكرى ميلاد حبيبهم ورسولهم محمد، صلى الله عليه وسلم، فهي ذكرى غالية على قلوبهم، وعزيزة على نفوسهم، كيف لا وهو رسول البشرية بأسرها، ومثال الإنسانية في أتم صورها، فهو رحمة الله للعالمين، وخاتم النبيين، عليه الصلاة والسلام، فقد كان مولده، عليه الصلاة والسلام إيذاناً بالنور الساطع الذي بدد ظلمات الجاهلية وعبادة الأصنام، كما قال الله تعالى: (قَدْ جَاءكُم مِّنَ الله نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ)، “سورة المائدة، الآية 15”، فالنور هو محمد صلى الله عليه وسلم ، والكتاب المبين هو المعجزة الخالدة (القرآن الكريم)، ومن المعلوم أنه صلى الله عليه وسلم قد قضى على مظاهر الشرك والإباحية والطغيان، فحرم القتل والزنا والخمر وكل المنكرات، وزلزل العروش العاتية، فكانت اليرموك وفيها القضاء على القياصرة، وكانت القادسية وفيها القضاء على الأكاسرة، كما كان - عليه الصلاة والسلام - بشير خير للبشرية، يبشر بقيام دولة عادلة وأمة راشدة، هي خير الأمم التي أخرجت للناس.
من نعم الله
إن ميلاد نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، نعمة أنعم الله بها على الإنسانية، حيث يجب عليهم أن يشكروا هذه النعمة؛ لأنه، صلى الله عليه وسلم، يهديهم إلى الصراط المستقيم، فقد صنعه الله على عينه، وأحاطه برعايته، وشمله بلطفه ورحمته، وخصه بعميم فضله وكرامته، حيث إن الرسالة التي جاء بها محمد، صلى الله عليه وسلم، رسالة كفلت للبشرية سعادتها في الدنيا والآخرة.
كما قال ربعي بن عامر - رضي الله عنه: “إن الله قد ابتعثنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله الواحد القهار، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل وسماحة الإسلام”.
ولم يعرف التاريخ قديمه أو حديثه شخصية أبعد أثراً في النفوس، وأعمق تأثيراً في القلوب من محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي نال منزلة دونها كل منزلة، واستأثر بحب يتضاءل أمامه كل حب، سوى حب الله سبحانه وتعالى.
من فضائل النبي
لقد فضل الله سبحانه وتعالى بعض الأنبياء على بعض كما في قوله تعالى: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ الله وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ)، “سورة البقرة، الآية 253”.
ومن المعلوم أن الله سبحانه وتعالى قد كلم سيدنا موسى - عليه الصلاة والسلام - من وراء حجاب، ولكنه في ليلة الإسراء المعراج كلّم نبينا - صلى الله عليه وسلم - بغير حجاب، كما أن سيدنا موسى - عليه الصلاة والسلام - يقول لربه: (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي)، “سورة طه، الآية 25”، والله سبحانه وتعالى قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ)، “الشرح الآية 1”، كما أن سيدنا موسى - عليه الصلاة والسلام - يقول لربه: (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى)، “سورة طه، الآية 84”، والله عز وجل قال لحبيبه - صلى الله عليه وسلم -: (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)، “سورة الضحى، الآية 5”.
وعند دراستنا للسيرة النبوية الشريفة، نجد أن فضائل رسولنا الأكرم - صلى الله عليه وسلم - لا تُعَدُّ ولا تحصى، ومنها:-
◆ تفضيله - صلى الله عليه وسلم - على الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -، لقوله - صلى الله عليه وسلم - : “فُضِّلتُ على الأنبياء بستٍّ: أعطيتُ جوامعَ الكَلِمِ، ونُصِرْتُ بالرعب، وأُحِلَّتْ ليَ الغنائم، وَجُعِلتْ ليَ الأرضُ طهوراً ومسجداً، وَأُرسْلِتُ إلى الخلقِ كافَّة، وخُتم بيَ النبيُّونَ”، (أخرجه مسلم).
◆ وهو - صلى الله عليه وسلم - الأسوة الحسنة لكل إنسان يرجو الله والفوز بجنته والنجاة من ناره، كما قال سبحانه: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو الله وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)، “سورة الأحزاب، الآية 21” فهو الأسوة الحسنة للأب، والجد، والزوج، والمربي، والطبيب، والقائد، وولي الأمر، فهو الرحمة المهداة - صلى الله عليه وسلم-.
◆ كما أنه - صلى الله عليه وسلم - سَيْدُ البشر يوم القيامة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: “أنا سَيِّدُ وَلَدِ آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواءُ الحمد ولا فخر، وما من نبيٍّ يومئذ آدمَ فَمَنْ سواه إلا تحت لوائي، وأنا أوَّلُ شَافعٍ وأَوَّلُ مُشفَّعٍ ولا فخر”، (أخرجه أحمد).
◆ ومن المعلوم أن الله قد شرح صدره - صلى الله عليه وسلم - ووضع وزره، ورفع ذكره قال تعالى: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ , وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ , الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ , وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ)، “سورة الشرح، الآيات 1 - 4”.
قال قتادة: “رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة، فليس هناك خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ينادي بها: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله”، وكما قال الشاعر:
وَضَمَّ الإلهُ اسمَ النبي إلى اسمه
إذ قال في الخمسِِ المؤذنُ أشهدُ
وَشَقَّ له من اسمِه لِيُجِلـَّهُ
فذو العرشِ محمودٌ وهذا مُحَمَّدُ
◆ كما مدح الله سبحانه وتعالى نبيه الكريم - صلى الله عليه وسلم - بما أكرمه به من مكارم الأخلاق ومحاسن الصفات، كما في قوله سبحانه وتعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، “سورة القلم، الآية 4”، وقوله - صلى الله عليه وسلم- : “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، (أخرجه الطبراني).
محبته
وذكرت كتب السيرة أن الصحابي الجليل ثوبان، رضي الله عنه، كان خادماً للرسول، صلى الله عليه وسلم ، وقد دخل عليه - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فوجده يبكي، فسأله: (ما يبكيك يا ثوبان)؟
فقال: يا رسول الله، أبكي لأنك إذا غبتَ عني اشتقتُ إليك، فإذا تذكرتُ الآخرة وأنك ستكون في أعلى درجات الجنة، ولن أراك فيها ازداد بكائي شوقاً إليك يا حبيب الله.
(كما وروى ابن جرير عن سعيد بن جبير قال: جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محزون، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: “يا فُلان ما لي أَرَاكَ مَحْزُوناً؟
“فقال: يا نبيَّ الله، شيء فكرت فيه، فقال ما هو؟ قال: نحن نغدو ونروح ننظر إلى وجهك ونجالسك، وغداً ترفع مع النبيين، فلا نصل إليك، فلم يرد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئاً، فأتاه جبريل بهذه الآية (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم منَ النَّبِيِّينَ) الآية، فبعث النبي - صلى لله عليه وسلم - فبشره.
وعن عائشة، قالت: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله! إنك لأحب إليَّ من نفسي، وأحب إليَّ من أهلي، وأحب إليَّ من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك، فما أصبر حتى آتيك، فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلتَ الجنة رفعتَ مع النبيين، وإن دخلتُ الجنة خشيت أن لا أراك، فلم يرد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى نزلت عليه: (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا)، “مختصر تفسير ابن كثير للصابوني 1/412”.
الدكتور يوسف جمعة سلامة
خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق