عمرو أبوالفضل
من الظواهر الخطيرة التي برزت مؤخراً في مجتمعاتنا العربية والإسلامية شيوع خطاب التكفير والتفسيق، والانجراف إلى التشكيك في النوايا والتصرفات، والسخرية والاستفزاز بين أبناء الوطن الواحد، بما لا يرضاه الشرع من ألقاب وأوصاف، في المنتديات والمحافل وعلى المنابر وفي الفضائيات والمواقع الإلكترونية، خاصة الدعوية التي يجب أن تكون دعوات محبة ووئام لا وسائل بغض وخصام وشقاق.
قال الدكتور محمد الدسوقي، أستاذ الفقه بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة، إن الكلمة أمانة ومسؤولية سوف يحاسب عليها الإنسان سواء في أمور الدنيا أو ما يتعلق بالآخرة، والنصوص المؤكدة لمسؤولية الكلمة كثيرة، منها قول الرسول-صلى الله عليه وسلم:”من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت”، وتطبيق الحديث في حياتنا يجنبنا الكثير من المآسي.
وحذر من خطورة التعامل مع ما يصدر من أقوال وآراء واعتبارها أحكاماً شرعية ملزمة، لافتاً إلى أهمية التفرقة بين الأحاديث التي تقال في البرامج أو دروس العلم أو المواقع الإلكترونية، وتعد اجتهادات أو مجرد قناعات شخصية أو آراء سياسية، والأحكام والفتاوى الشرعية التي درست وبحثت علمياً وشرعياً من المجامع والمؤسسات الفقهية وأهل الاختصاص من العلماء.
مسؤولية الكلمة
وقال إن البعض يتهاون في مسؤولية الكلمة، ويرمي الكلام على عواهنه، بلا تقدير لمراميه ومخاطره وعواقبه، ويتسبب في نشر الخصومات والفتن بين الناس، مشيراً إلى أنه يجب أن يدرك العلماء والدعاة أن لهم تأثيرا ومكانة، وأنهم محط اهتمام وملء السمع والبصر، والناس يقدرون ما يقولون ويتبعونه، وعليهم أن يتعلموا من الصديق أبي بكر الذي كان كثيراً ما يمسك بطرف لسانه، ويقول:”هذا الذي أوردني الموارد”، وأن يقتدوا بالإمام أحمد ومحنته وتحمله الظلم والعدوان، ورفضه أن تحدث الفتنة بسببه.
وأكد أنه لا يجوز للمسلم أن يكون مغتاباً أو نماماً أو همازاً أو لمازاً أو داعياً الى فتنة أو بغضاء، موضحا أن اللغو والزور والكذب والنفاق والتملق انحراف وفساد وبغي يمزق المجتمعات، ويغري اصحاب النفوس الضعيفة بالظلم، والصد عن سبيل الحق، ونشر الأكاذيب بين الناس، والرسول-صلى الله عليه وسلم- يقول:”لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه”.
حسن الخلق
ويقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن الهدي النبوي في حسن الخلق ومراعاة التثبت والضبط فيما يقال يستوجب من الجميع، خاصة أهل الدعوة، الالتزام الموضوعي، عملاً وتطبيقاً والتزاماً لموافقة الأفعال والأقوال لدى أهل الاتباع الصادق الحقيقي وقدوة للآخرين، دل على هذا قول الله تعالى:”لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون” الصف، مؤكداً أن الهدي النبوي الذي يجب على الدعاة أن يضعوه نصب أعينهم قول الرسول -صلى الله عليه وسلم:” وان أبغضكم اليَّ وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيقهون”، فقالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارين والمتشدقين، فما المتفيقهون؟، قال:”المتكبرون”، وقال الإمام النووي-رحمه الله- الثرثار هو كثير الكلام تكلفاً، والمتشدق المتطاول على الناس بكلامه، ويتكلم بملء فيه تفاصحا وتعظيما لكلامه، والمتفيقه هو الذي يملأ فمه بالكلام ويتوسع فيه ويغرب به تكبراً وارتفاعا واظهاراً للفضيلة على غيره.
العمل الدعوي
وبين أن الحديث الشريف ينطبق على بعض الرموز الدعوية وأتباعهم من الذين يتصدرون العمل الدعوي والعام، مضيفا أن خطاب التفسيق والتشريك وغيره من العبارات المنفلتة تدل على تصرفات أن لم تكن عين الحماقة فهي إليها أقرب، ومما يبعث على الغرابة صدور ذلك من رموز من المفترض محافظتها على الكلمة الطيبة التي ضرب الله عز وجل لها المثل:”كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء”، واجتنابها للكلمة الخبيثة:”كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار”.
وقال إن واجب من يتصدرون الدعوة والعمل العام أن ينأوا بأنفسهم عن عبارات التجريح والاستهزاء والتعرض بالغمز واللمز، موضحاً أن نصوص الشرع تحرم وتجرم تفرق المجتمع الى طوائف وعصبيات سواء كانت منسوبة إلى الدين أو غيره، منها قول الله تعالى:”ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء انما أمرهم الى الله ثم ينبئهم بما كانوا يعملون” الانعام 159، وقول سيدنا محمد-صلى الله عليه وسلم:” ليس منا من دعا الى عصبية”.
وأوضح إن احتكار تيار أو فرقة الحق والصواب وتخطئة من سواها استدلال فاسد واستشهاد سقيم بنصوص شرعية لتبرير المذهب والسعي الحثيث لصبغ المجتمع به، وممارسة عمل سياسي قلباً وقالباً تحت غطاء ديني، مبيناً أن كل هؤلاء ومن يمثلهم ويناظرهم يعتدون على الدلالات السليمة الصحيحة للنصوص الشرعية والمبادئ والمقاصد العامة للشريعة الإسلامية لإعلاء أدبيات وأجندات مصلحية، وهذا كله ولد عنفاً فكرياً وسبب حيرة وبلبلة لدى الناس، وصارت مساجد ومعاهد ووسائل إعلام وفضائيات تشهد مجادلات ومهاترات ومصادمات يندى له الجبين.
وأكد أن الفكر المعلول يجابه بالفكر الصحيح من أهله، وأن واجب العلماء والدعاة والفقهاء المخلصين المسارعة لانقاذ صحيح الدين واعلاء وسطيته والدعوة الى الثقافة الإسلامية السمحة بعيداً عن الانتماءات المذهبية والسياسية، ورفض أفكار التصدير المذهبي والعصبيات المقيتة.
النصوص الشرعية
وأكد الدكتور حمدي مصطفى، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، أن الشريعة الاسلامية حذرت من التهاون في إطلاق الفاظ التفسيق والتكفير والتضليل والمسارعة الى استعمال تلك الأوصاف بين المسلمين.
وقال إن النصوص الشرعية تواترت على رفض التساهل في إطلاق تلك الاوصاف على المسلم في قول الرسول- عليه الصلاة والسلام:” إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا”، وأيضا قوله-صلى الله عليه وسلم:” ومن رمي مؤمنا بكفر فهو كقتله”، وقوله- عليه الصلاة والسلام:” لا يرمي رجل رجلا بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك”.
وأوضح أنه يجب الاحتياط الشديد في إطلاق الأوصاف التي تقدح في الايمان وعلاقة الانسان بخالقه وتؤدي الى التجاوز والاعتداء. وأشار الى أن مقاصد الشريعة من هذا التحذير إنما حرصت على سد أبواب الفتن ومنع استغلال تلك الأوصاف وإطلاقها على غير من يستحقها وتحقيق العدل بين المسلمين.
وقال إن ظاهرة التكفير والتفسيق والضلال والانحراف من الآفات الخطيرة التي ظهرت في مجتمعاتنا، خاصة في السجالات الفكرية والحوارية، مبيناً أن رمي الإنسان واتهامه بهذا التهم الشنيعة يجرده من حقوقه كافة، ويعرضه للإهانة والقتل والطرد من المجتمع، ويتعرض تماسك المجتمع الإسلامي إلى الفرقة.
من الظواهر الخطيرة التي برزت مؤخراً في مجتمعاتنا العربية والإسلامية شيوع خطاب التكفير والتفسيق، والانجراف إلى التشكيك في النوايا والتصرفات، والسخرية والاستفزاز بين أبناء الوطن الواحد، بما لا يرضاه الشرع من ألقاب وأوصاف، في المنتديات والمحافل وعلى المنابر وفي الفضائيات والمواقع الإلكترونية، خاصة الدعوية التي يجب أن تكون دعوات محبة ووئام لا وسائل بغض وخصام وشقاق.
قال الدكتور محمد الدسوقي، أستاذ الفقه بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة، إن الكلمة أمانة ومسؤولية سوف يحاسب عليها الإنسان سواء في أمور الدنيا أو ما يتعلق بالآخرة، والنصوص المؤكدة لمسؤولية الكلمة كثيرة، منها قول الرسول-صلى الله عليه وسلم:”من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت”، وتطبيق الحديث في حياتنا يجنبنا الكثير من المآسي.
وحذر من خطورة التعامل مع ما يصدر من أقوال وآراء واعتبارها أحكاماً شرعية ملزمة، لافتاً إلى أهمية التفرقة بين الأحاديث التي تقال في البرامج أو دروس العلم أو المواقع الإلكترونية، وتعد اجتهادات أو مجرد قناعات شخصية أو آراء سياسية، والأحكام والفتاوى الشرعية التي درست وبحثت علمياً وشرعياً من المجامع والمؤسسات الفقهية وأهل الاختصاص من العلماء.
مسؤولية الكلمة
وقال إن البعض يتهاون في مسؤولية الكلمة، ويرمي الكلام على عواهنه، بلا تقدير لمراميه ومخاطره وعواقبه، ويتسبب في نشر الخصومات والفتن بين الناس، مشيراً إلى أنه يجب أن يدرك العلماء والدعاة أن لهم تأثيرا ومكانة، وأنهم محط اهتمام وملء السمع والبصر، والناس يقدرون ما يقولون ويتبعونه، وعليهم أن يتعلموا من الصديق أبي بكر الذي كان كثيراً ما يمسك بطرف لسانه، ويقول:”هذا الذي أوردني الموارد”، وأن يقتدوا بالإمام أحمد ومحنته وتحمله الظلم والعدوان، ورفضه أن تحدث الفتنة بسببه.
وأكد أنه لا يجوز للمسلم أن يكون مغتاباً أو نماماً أو همازاً أو لمازاً أو داعياً الى فتنة أو بغضاء، موضحا أن اللغو والزور والكذب والنفاق والتملق انحراف وفساد وبغي يمزق المجتمعات، ويغري اصحاب النفوس الضعيفة بالظلم، والصد عن سبيل الحق، ونشر الأكاذيب بين الناس، والرسول-صلى الله عليه وسلم- يقول:”لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه”.
حسن الخلق
ويقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن الهدي النبوي في حسن الخلق ومراعاة التثبت والضبط فيما يقال يستوجب من الجميع، خاصة أهل الدعوة، الالتزام الموضوعي، عملاً وتطبيقاً والتزاماً لموافقة الأفعال والأقوال لدى أهل الاتباع الصادق الحقيقي وقدوة للآخرين، دل على هذا قول الله تعالى:”لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون” الصف، مؤكداً أن الهدي النبوي الذي يجب على الدعاة أن يضعوه نصب أعينهم قول الرسول -صلى الله عليه وسلم:” وان أبغضكم اليَّ وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيقهون”، فقالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارين والمتشدقين، فما المتفيقهون؟، قال:”المتكبرون”، وقال الإمام النووي-رحمه الله- الثرثار هو كثير الكلام تكلفاً، والمتشدق المتطاول على الناس بكلامه، ويتكلم بملء فيه تفاصحا وتعظيما لكلامه، والمتفيقه هو الذي يملأ فمه بالكلام ويتوسع فيه ويغرب به تكبراً وارتفاعا واظهاراً للفضيلة على غيره.
العمل الدعوي
وبين أن الحديث الشريف ينطبق على بعض الرموز الدعوية وأتباعهم من الذين يتصدرون العمل الدعوي والعام، مضيفا أن خطاب التفسيق والتشريك وغيره من العبارات المنفلتة تدل على تصرفات أن لم تكن عين الحماقة فهي إليها أقرب، ومما يبعث على الغرابة صدور ذلك من رموز من المفترض محافظتها على الكلمة الطيبة التي ضرب الله عز وجل لها المثل:”كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء”، واجتنابها للكلمة الخبيثة:”كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار”.
وقال إن واجب من يتصدرون الدعوة والعمل العام أن ينأوا بأنفسهم عن عبارات التجريح والاستهزاء والتعرض بالغمز واللمز، موضحاً أن نصوص الشرع تحرم وتجرم تفرق المجتمع الى طوائف وعصبيات سواء كانت منسوبة إلى الدين أو غيره، منها قول الله تعالى:”ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء انما أمرهم الى الله ثم ينبئهم بما كانوا يعملون” الانعام 159، وقول سيدنا محمد-صلى الله عليه وسلم:” ليس منا من دعا الى عصبية”.
وأوضح إن احتكار تيار أو فرقة الحق والصواب وتخطئة من سواها استدلال فاسد واستشهاد سقيم بنصوص شرعية لتبرير المذهب والسعي الحثيث لصبغ المجتمع به، وممارسة عمل سياسي قلباً وقالباً تحت غطاء ديني، مبيناً أن كل هؤلاء ومن يمثلهم ويناظرهم يعتدون على الدلالات السليمة الصحيحة للنصوص الشرعية والمبادئ والمقاصد العامة للشريعة الإسلامية لإعلاء أدبيات وأجندات مصلحية، وهذا كله ولد عنفاً فكرياً وسبب حيرة وبلبلة لدى الناس، وصارت مساجد ومعاهد ووسائل إعلام وفضائيات تشهد مجادلات ومهاترات ومصادمات يندى له الجبين.
وأكد أن الفكر المعلول يجابه بالفكر الصحيح من أهله، وأن واجب العلماء والدعاة والفقهاء المخلصين المسارعة لانقاذ صحيح الدين واعلاء وسطيته والدعوة الى الثقافة الإسلامية السمحة بعيداً عن الانتماءات المذهبية والسياسية، ورفض أفكار التصدير المذهبي والعصبيات المقيتة.
النصوص الشرعية
وأكد الدكتور حمدي مصطفى، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، أن الشريعة الاسلامية حذرت من التهاون في إطلاق الفاظ التفسيق والتكفير والتضليل والمسارعة الى استعمال تلك الأوصاف بين المسلمين.
وقال إن النصوص الشرعية تواترت على رفض التساهل في إطلاق تلك الاوصاف على المسلم في قول الرسول- عليه الصلاة والسلام:” إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا”، وأيضا قوله-صلى الله عليه وسلم:” ومن رمي مؤمنا بكفر فهو كقتله”، وقوله- عليه الصلاة والسلام:” لا يرمي رجل رجلا بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك”.
وأوضح أنه يجب الاحتياط الشديد في إطلاق الأوصاف التي تقدح في الايمان وعلاقة الانسان بخالقه وتؤدي الى التجاوز والاعتداء. وأشار الى أن مقاصد الشريعة من هذا التحذير إنما حرصت على سد أبواب الفتن ومنع استغلال تلك الأوصاف وإطلاقها على غير من يستحقها وتحقيق العدل بين المسلمين.
وقال إن ظاهرة التكفير والتفسيق والضلال والانحراف من الآفات الخطيرة التي ظهرت في مجتمعاتنا، خاصة في السجالات الفكرية والحوارية، مبيناً أن رمي الإنسان واتهامه بهذا التهم الشنيعة يجرده من حقوقه كافة، ويعرضه للإهانة والقتل والطرد من المجتمع، ويتعرض تماسك المجتمع الإسلامي إلى الفرقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق