عمرو أبو الفضل
يعد الصحابي أبان بن سعيد، من أوائل كتبة الوحي بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو الذي أجار عثمان بن عفان حين بعثه رسول الله إلى أهل مكة يوم الحديبية، وشارك بالغزوات وواستشهد في الفتوحات.
وقال فضيلة الشيخ منصور الرفاعي عبيد وكيل وزارة الاوقاف المصرية لشؤون الدعوة الاسبق إن أبان بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي الأموي، ولد بمكة ونشأ في بيت نعمة وسيادة وصدارة فأبوه من زعماء واكابر قريش، وكان تاجرا موسرا، وأسلم بعد أخويه خالد وعمرو، واختلف في إسلامه، وقيل إن إسلامه كان بعد الحديبية، وقيل: خيبر لأن له ذكرا في الصحيح من حديث أبي هريرة في قسمة غنائم خيبر، وكان سبب إسلامه أنه خرج يوما إلى الشام في تجارة له قبل إسلامه، فلقى راهبا، وحكى له ما يفعله الرسول، صلى الله عليه وسلم بمكة، وما يقوله من أن الله أرسله رسولا مثلما أرسل موسى وعيسى من قبل، فقال له الراهب: وما اسم هذا الرجل؟ فقال له أبان: محمد، فقال الراهب: إني أصفه لك، وذكر الراهب صفة النبي، ونسبه، وسنه، فقال أبان: هو كذلك، فقال الراهب: والله ليظهرن على العرب، ثم ليظهرن على الأرض، ثم قال لأبان: أَقرئ الرجل الصالح السلام.
قصة إسلامه
وأوضح فضيلة الشيخ منصور الرفاعي، أنه لما عاد أبان إلى مكة جمع قومه، وذكر لهم ما حدث بينه وبين الراهب، وكف عن إيذاء النبي، عليه الصلاة والسلام، والمسلمين، ولكنه بقي على كفره حتى صلح الحديبية. وقد ظهرت مروءته في يوم الصلح حين بعث الرسول، صلى الله عليه وسلم، عثمان بن عفان رضى الله عنه، رسولا إلى قريش بمكة، فأجاره أبان بن سعيد، وحمله على فرسه حتى دخل مكة وقال: اسلك في مكة حيث شئت آمنا، ولا تخف أحدا بنو سعيد أعزة البلد.
وأشار إلى ما ذكرته كتب السيرة انه عندما سار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية، خرج إليه المشركون، واتفقوا على الصلح، وعاد الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة، فتبعه أبان فأسلم وحسن إسلامه، وروى الواقدى أن أخويه خالدا وعمرا، وكانا قد سبقاه الى الاسلام، لما قدما من هجرة الحبشة الى المدينة بعثا إليه يدعوانه الى الله، فبادر وقدم المدينة مسلما سنة 7 هـ، ولما قدم على الرسول، صلى الله عليه وسلم، فقال: “يا أبان كيف تركت أهل مكة؟”، قال: تركتهم وقد جهدوا، يعني المطر، وتركت الإذخر، وهو شجر ذو ثمر، وقد أعذق، وتركت الثمار وقد حاص فاغرورقت عينا النبي، صلى الله عليه وسلم وقال:أنا أنصحكم ثم أبان بعدي.
وبين وكيل وزارة الاوقاف المصرية لشؤون الدعوة الاسبق أن أبان لازم الرسول صلى الله عليه وسلم، يعيش بجواره، ويتلقى القرآن منه وينهل من علمه، ويصلي معه في نواحي المدينة، وكان من السابقين لا يتأخر عن أي غزوة ولا يتقاعس عن جهاد للرسول، صلى الله عليه وسلم، وشهد غزوة حنين في العام السابع للهجرة، كما أرسله في سرية لإرهاب الأعراب المتربصين حول المدينة وهو خارج عليه الصلاة والسلام إلى خيبر، وكان احد كتبة الرسول عليه الصلاة والسلام، استعمله في كتابة شؤون الدعوة والوحي القرآني، وقال أبو بكر ابن أبي شيبة: كان أول من كتب الوحي بين يدي رسول الله أبي بن كعب، فإذا لم يحضر كتب زيد بن ثابت، وكتب له عثمان، وخالد بن سعيد، وأبان بن سعيد، هكذا قال، يعني بالمدينة، وإلا فالسور المكية لم يكن أبي بن كعب حال نزولها، وقد كتبها الصحابة بمكة رضي الله عنهم.
الدولة الإسلامية
كما قال فضيلة الشـيخ منصـور الرفاعـي، بعد أن اسـتقرت الدولة الإسـلامية، وفتحت مكة، جعله الرسول عليه الصلاة والسلام واليا على إحدى المناطق سنة 9 هـ، فسـأله أبان أن يحالف عبد القيس فأذن له في ذلك، وقال: يا رسول الله اعهد إلي عهدا في صدقاتهم وجزيتهم، وما تجروا به، فأمره الرسول، صلى الله عليه وسلم، أن يأخذ من المسـلمين ربع العشـر مما تجروا به، ومن كل حالم من يهودي أو نصراني أو مجوسي دينارا، الذكر والأنثى، وظل بالبحرين حتى توفي الرسول صلى الله عليه وسلم،،فتركها ورجع إلى المدينة، ولما قابله عمـر بن الخطاب رضـي الله عنه بعد عودته الى المدينة قال: “ما كان حقك أن تقدم، وتترك عملك بغير إذن إمامك”، فقال أبان: “إني والله ما كنت لأعمل لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كنت عاملا لأحد بعد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كنت عاملا لأبي بكر في فضله وسـابقته وقديم إسـلامه، ولكن لا أعمل بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
واختلف في وفاته، فقال موسى بن عقبة، ومصعب بن الزبير، والزبير بن بكار، وأكثر أهل النسب قتل يوم أجنادين، يعني في جمادى الأولى سنة 12 هـ، وقال آخرون، قتل يوم مرج الصفر سنة 14 هـ، وقال محمد بن إسحاق، قتل يوم اليرموك، وقيل إنه تأخر إلى أيام عثمان، وكان يملي المصحف الإمام على زيد بن ثابت، ثم توفي سنة 27 هـ. ورجح علماء النسب انه قتل يوم اجنادين سنة 13 هـ، بالشام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق