السبت، 30 يونيو 2012

متاع الحياة الدنيا

د. عثمان قدري مكانسي*

أقرأ القرآن الكريم– أحياناً– كما يقرؤه الكثرة الكاثرة من الناس، وأمر على الآيات أفهمها فهماً يخالطه الانشغال بالدنيا، وبكلمة أخرى أقرأ دون وعي وتدبر في بعض الأحيان، فأنا إنسان ضعيف تأخذني الدنيا في متاهاتها دون أن أشعر بذلك– ولعلك مثلي في كثير من هذه الحالات، فعلى رأي الكوفيين نحن "الإنسان" من النسيان وإن كنت أرى ما تراه المدرسة البصرية من أن الإنسان من "الأنس" وهذا ما قرأناه في مسائل الخلاف للأنباري– رحمه الله تعالى– حين كنا في السنة الثانية الجامعية.

قرأت قبل يومين قوله تعالى في سورة الشورى: "فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ "36"" مع الآيات السبع التي تليها قراءة كما ذكرت آنفاً لكنني عدت إليها أمعن التفكير فيها– وما ألذّ تدبر الآيات والتفكر فيها– فوقفت على ما يلي:

1- لا ينال أحدنا ما يريد، إنما هو فضل من الله تعالى نُؤتاه على ضعفنا، وليس لنا إلا شكر الله على نعمائه والإقرار بهذا الفضل ولسنا نقول ما قاله قارون "إنما أوتيته على علم عندي" وغاب عنه رغم تشدقه الباطل بالفهم والدراية أنه أقرّ بأنه "أوتيَه" ولكن الاستكبار يفضح صاحبه من حيث لا يدري.

2- والعطاء "أشياء" جمع شيء والآية تقول "من شيء" فما يأخذه الإنسان جزءٌ من شيء. إنه قليل إذن إذا ما قورن بالحقيقة. ألم يقل الله تعالى "وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً"؟وأين ما يحوزه المخلوق من عطاء الخالق سبحانه؟ يعرف هذا من يعلم الفرق بين الخالق والمخلوق.

3- الدنيا زائلة فانية، وما فيها متنقل بين الناس فهو متاع، والمتاع في العربية ما ينتهي إلى أجل وهل يكون عطاء الدنيا إلا فانيا مثلها، وهذا العطاء الدنيوي يأخذه البر والفاجر والمؤمن والكافر.

4- وما عند الله– في جنات النعيم– دائم خالد لا ينقطع ولا يزول. فعلام يتشبث الإنسان بالزائل ويتعلق به ويفضله على الدائم المتجدد؟ إنه سوء تفكير وضعف في الفهم والإيمان لا ينتبه إليه إلا:

أ‌- المؤمن بالله تعالى المتصل به سبحانه وهؤلاء قليلون، ألم يقل الله تعالى "وما أكثر الناس ولو حرصتَ بمؤمنين" إن الهوى والشيطان يجرفان أمامهما من يعيش حياتَه غثاء ولا يعمل إلا لدنياه غافلاً عن الحقيقة التي سوف تجبهه في يوم يندم فيه ولا ينفعه الندم.

ب‌- الذي يتوكل على الله، وما يتوكل على مولاه سوى العاقل النبيه الذي يدري سبب خلقه "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" ويطيع ربه ويعمل ليوم قادم لا محالة، إن التوكل على الله لجوء إلى حصن حصين وملاذ آمن منيع. ومن توكل على الله كفاه الله، وما أعظم الحديث الشريف الذي علمنا إياه سيد البشر صلى الله عليه وسلم فعن أنس رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "من قال "يعني إذا خرج من بيته" بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله، يُقال له: هُديتَ وكُفيتَ ووُقيت وتنحى عنه الشيطان" رواه الترمذي، وزاد أبو داود في روايته: فيقول- يعني الشيطان لشيطان آخر–: كيف لك برجل قد هُدي وكُفي ووُقي؟!

ت‌- "وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ" والاجتناب عدم المرور به والتوقف عنده إنه الابتعاد والحذر عن كبائر الاثم أولاً وهنا نرى أن الإثم نوعان صغير وكبير ويقع المسلم في اللمم لكنه يستغفر او يتوضأ ويصلي فيُمحى اللمم، وما أضيفت كلمة الكبائر إلى الاثم إلا للتنبيه من الوقوع في الإثم الصارخ لأنه مثل الفاحشة تماماً.

ث‌- "وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ" فالإنسان يغضب وقد يثور، وهو في ثورانه يُضيّع رشده ويتصرف بنزق وقد يفعل ما لا تُحمد عقباه ففي هذه الحالة ينبغي أن يملك نفسه ويعود لهدوئه ويغفر لمن أساء إليه وهذه محمدة لا يصل إليها إلا أولو العزم الذين يذكرون قوله تعلى "ولْيعفوا ولْيصفحوا، ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم"، وهذا ما فعله سيدنا أبو بكر رضي الله عنه حين سمع هذه الآية– وكان أقسم أن لا ينفع مسطح بن أثاثة بنافعة لأنه خاض في الإفك، فقال بلى يا رب بلى، وغفر لمسطح. إنها درجة لا ينالها إلا المتقدّمون.

ج‌- "وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ" ولا يستجيب لأمر ربه فيلتزمه ويبتعد عن المنهيّ عنه إلا السعداء، وأقف عند كلمة الاستجابة فأراها سمة المؤمنين الأطهار المتصلين بربهم في كل أحوالهم، ولا يستجيب إلا الواعي النبيه ذو القلب الزكي والعقل الذكي.

ح‌- "وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ": إن إقامة الصلاة دليل الاهتمام بها، وما ذكرت الصلاة إلا وسبقتها كلمة الإقامة، وعد إلى القرآن الكريم لتتأكد من ذلك. إنّ من يؤدي صلاته بخشوع وتدبر فيطمئن بقيامه وركوعه وسجوده ويستقبل الله تعالى في صلاته فقد أقامها اما السرعة في الحركة دون الاطمئنان والتعقل في حركات الصلاة فليست صلاة على ما أعتقد.

خ‌- "وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ" وهل يقوم المجتمع الصالح المتماسك وهل تبنى الدولة القوية إلا على أساس قويم من الشورى والعمل المشترك؟ إن البلاء الذي أصاب أمتنا ودفع بها إلى مؤخرة الأمم تجبُّر الحاكم وتفرده باتخاذ القرار، فكأن الناس عبيد في مزرعته وملك يمينه يفعل بهم وببلادهم ما يشاء دون وازع من إيمان ولا ضابط من شورى، وثورات الشعوب على حكامهم ما جاءت من فراغ، وتاريخنا المعاصر ظلم وفساد وتأخر بسبب غياب الشورى ووأد الحريات وقتل الإبداع.

د‌- "وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ"، وإذا سألت عن سبب تقديم: "مما رزقناهم" على "ينفقون" علمت أن الله تعالى يرزقنا ويكرمنا ويعطينا ويتفضل علينا ثم يأمرنا أن ننفق مما رزَقَنا فالعطاء أولاً يتبعه الاعتراف بالفضل والإقرار به فينتج عنه شكر النعمة بالإنفاق على عباد الله، وبالشكر تدوم النعم. ولعلك ترى أن الله سبحانه لا يكلفنا شططاً حين يأمرنا أن ننفق القليل من هِباته وكرمه سبحانه.

ذ‌- "وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ"، فالله تعالى يعلمنا أن نكون أحراراً لا نرضى الدنية في ديننا ولا حياتنا، إن البغي مرتعه وخيم، ومن عاش في الذل لا يستقيم ولا يستحق الحياة من رضي الهوان. وأفهم هنا أن من سمات المسلم أنه لا يظلم احداً ولا يرضى الظلم من احد. فما كان الجهاد إلا عنوان الحياة الحرة الكريمة.

ر‌- "وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا" أرأيتم ميزان العدل؟ فما ينبغي إذا ما ظُلمتُ أن أتجاوز استرداد حقي وإلا انقلبتُ ظالماً، وما ينبغي للمسلم ان يكون ظالماً. وما يثور الحر إلا لظلم مسّه أفيكون كمن ظلمه؟! إن تجاوز الحق ظلم، هكذا علمنا ديننا.

ز‌- "فمن عفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ": وما العفو إلا عند المقدرة، وإلا كان هواناً، إنّ العفو عمن ظلمك يأتي حين يرى الظالم أنه بين يديك وتحت رحمتك، وهذا درس له رائع، بل إنك حين تريه من القوة ما يُرهبه ثم تعفو عنه تملك قلبه، فإذا ما أحسنتَ إليه انقلب صاحباً وصديقا، ونلت أجراً من الله عظيماً، لقد علمنا الله تعالى أن نكسب قلوب العباد فقال: "ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً، وقال إنني من المسلمين، ولا تستوي الحسنة ولا السيئة، ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليّ حميم، وما يُلقّاها إلا الذين صبروا، وما يُلقّاها إلا ذو حظ عظيم"، ولا ننسَ ان الله تعالى يكره الظلم والظالمين "إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ".

س‌- "وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَٰئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ"، روى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من دعا على من ظلمه فقد انتصر"، إن إحقاق الحق والوصول إليه يشفي قلب المظلوم أولاً ويكسر شوكة الظالم ثانياً ويربّي المجتمع ثالثاُ فيخاف الظالم أن يَظلِم. لكنْ حين يعلم المظلوم أن القاضي أخذ بحقه وأن عقوبة الظالم مستحقة فتنازل عن حقه وعفا عن جريرة المسيء كان من الصابرين، وهذا لا يحوزه سوى النبيل من الناس الذي يكظم غيظه ويعفو عمّن ظلمه قادراً عليه كما ذكرنا آنفاً.

ش‌- ولن يكون المدافع عن حقه الساعي إليه ظالماً، والظالم الحقيقي من بدأ الظلم واعتدى على حقوق الآخرين وأهانهم، ولم يراع حرمة الأخوة في الله ولا حقوق المجتمع في الأمن والأمان والحياة الحرة الكريمة "إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ".

ص‌- إن القرآن الكريم– مع دعوته إلى الحفاظ على الحقوق الإنسانية– يريد من المؤمن أن يرتفع إلى مستوى من الصبر الجميل في تحمل أذى إخوانه لأنه داعية وقدوة، وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم هذا إذ يقول: "المسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم لا يصبر على أذاهم "وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ" إنه السمو في الأخلاق والسمو في الإنسانية والسمو في دعوة إلى الله.

_________________
* كاتب سوري مقيم في الأردن

تحويل القبلة أعظم مآثر ليلة النصف من شعبان



أحمد شعبان
أكد علماء الدين أن تحويل القبلة كان إيذانا باستقلال الأمة الإسلامية في كل شؤون حياتها وأن أهمية شهر شعبان تأتي من ذكرى تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة، حيث يعتبر الحدث عنواناً لوحدة المسلمين ودليل منزلة نبينا عند ربه، وأعظم مآثر ليلة النصف من شعبان. وقالوا إنه التحول الذي كان له أثر مهم في تاريخ الأمة الإسلامية وأن الله عز وجل خص ليلة النصف من شعبان بكثير من الخيرات والرحمات فقد استجاب الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم الذي تضرع وأبتهل من أجل الصلاة باتجاه المسجد الحرام فكان القبلة عن قبلة قوم لم تلن قلوبهم لدعوة الحق إلى الكعبة المشرفة بيت الله الحرام.
قال الدكتور السيد أبو الحمايل أستاذ الثقافة الإسلامية بكلية الدعوة جامعة الأزهر إن فضل ليلة النصف من شعبان من كونها ليلة تحويل قبلة المسلمين في صلاتهم من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام استجابة لدعاء النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بعد ان مكث وأصحابه الكرام يتوجهون في صلاتهم إلى المسجد الأقصى قرابة ستة عشر شهرا وكانت اليهود فرحة بذلك وكان تحويل القبلة إمتحانا وابتلاء للمسلمين والمشركين واليهود والمنافقين قال تعالى في كتابه العزيز: «قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون» البقرة 144.
وأضاف، جاء في تفسير هذه الآية أن الله تعالى يرى تقلب وجه نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، في السماء شوقا وانتظارا لنزول الوحي باستقبال القبلة وأن الله تعالى استجاب له بتوجيهه إلى قبلة يرضاها ويحبها وهي الكعبة وهذا بيان لفضله وشرفه، صلى الله عليه وسلم، حيث أن الله تعالى يسارع في رضاه ثم أمر الله تعالى في هذه الآية باستقبال القبلة الجديدة وأن يولي وجهه وبدنه إليها حيث ما كان من بر وبحر أو شرق أو غرب بشرط استقبال الكعبة للصلوات كلها وبعد تحول القبلة ارتاب اليهود وفرح المشركون وشمت المنافقون وأذاعوا أباطيل ومزاعم واتهامات فأنزل الله تعالى قوله: «سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم».


وأوضح الدكتور السيد أبو الحمايل أنه بعد استقبال القبلة قال المسلمون سمعنا وأطعنا وآمنا به كل من عند ربنا وقال المشركون: كما رجع إلى قبلتنا يوشك أن يرجع لديننا واليهود قالوا خالف قبلة الأنبياء ولو كان نبيا لاستمر فى صلاته إلى قبلتهم والمنافقون قالوا ما يدري محمد أين يتوجه إن كانت الأولى على حق فقد تركها وإن كانت الثانية هي الحق فقد كان على باطل ورد الله عليهم بقوله: «سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التى كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم» سورة البقرة الآية 143.
حكمة التشريع
وحول حكمة التشريع من تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام قال الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر إن البيت العتيق الذي رفع قواعده نبي الله إبراهيم ونبي الله إسماعيل عليهما السلام هو قبلة أهل الأرض كما أن البيت المعمور قبلة أهل السماء قال تعالى:»وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم» واقتضت حكمة الله أن يجتمع الموحدون على قبلة واحدة فأمر خليله إبراهيم، عليه السلام، ببناء البيت العتيق ليكون مثابة للناس وأمنا ومصدرا للإشعاع والنور الرباني ومكانا لحج بيته المعظم يأتيه الناس من كل فج عميق :»ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معدودات» وأمر رسوله محمدا، صلى الله عليه وسلم، بالتوجه إليه في الصلاة بعد أن توجه إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا وذلك لحكمة جليلة هي إمتحان إيمان الناس واختبار صدق يقينهم ليظهر المؤمن الصادق من الكاذب والمنافق لتكون الريادة لهذه الأمة: «هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم المصير».
جهة واحدة
وقال: ومن حكم ومقاصد تحديد القبلة أن المقصود من الصلاة حضور القلب والحضور لا يحصل إلا بالسكون وترك الالتفات والحركة وهذا لا يتأتى إلا باستقبال جهة واحدة على التعيين وأن الله عز وجل خص الكعبة بإضافتها إليه في قوله تعالى: «وطهر بيتي» وخص المؤمنين بإضافتهم بصفة العبودية إليه في قوله تعالى: «يا عبادي» والإضافتان للتكريم والتخصيص فكأنه جل شأنه يقول ان المؤمن عبده والكعبة بيته والصلاة خدمته فالمؤمن يقبل بوجهه في خدمة ربه إلى بيته وبقلبه والتوجه إلى الكعبة المشرفة من مظاهر ووسائل وحدة المسلمين.
أفضل الأعمال
أما عن أفضل الأعمال والعبادات التي يستحب على العبد القيام بها في هذه الليلة فأكد الدكتور شعبان اسماعيل استاذ الفقه والقراءات بجامعة أم القرى مكة المكرمة أن الصلاة والدعاء في هذه الليلة والصوم في شهر شعبان عامة بلا تخصيص من أجل العبادات والطاعات التي تقرب العبد إلى ربه.
وأضاف: وردت أحاديث كثيرة صحيحة في فضل صوم شهر شعبان ومنها عن عائشة- رضي الله عنها: لم يكن النبي- صلى الله عليه وسلم- يصوم من شهر أكثر من شعبان فإنه كان يصوم شعبان كله وفي رواية أخرى كان يصوم شعبان إلا قليلا. وروي عن الرسول- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إنه شهر ترفع فيه الأعمال فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» وقال: «انه شهر تكتب فيه الآجال فأحب أن يكتب أجلي وأنا صائم» وقال- صلى الله عليه وسلم-: «إنه شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان فأحب إحياءه» لكن لم ترد أحاديث صحيحة في تعيين صوم يوم النصف من شعبان أما الدعاء المقبول في هذه الليلة الكريمة فيجب الدعاء بالعناية واستمداد المعونة وإظهار الافتقار إلى الله والبراءة من الحول والقوة وإظهار الذلة البشرية لله تعالى وأن يكون دعاء هذه الليلة فيه معنى الثناء على الله وإضافة الجود والكرم إليه قال تعالى: «وقال ربكم ادعوني استجب لكم» ووردت آثار في فضل الدعاء في ليلة النصف من شعبان بعضها ضعيف والآخر حسن.

حفظ اللسان دليل على صحة الاعتقاد والإيمان



اللسان من أعظم نعم الله تعالى على عباده، ويضمن طريق صاحبه إلى رضوان الله، وهو دليل على صحة الاعتقاد والإيمان، وبه يبين ما يحب وما يكره، ويعبر عن مشاعره وأحاسيسه، ويبث همومه ويشكو غمومه، ويتصل بالآخرين، فاللسان من أعظم وسائل الاتصال بالآخرين، نعمة عرف قدرها من خاف الله واتقاه، سلاح ذو حدين، من أحسن استخدامه واستغله في مرضاة الله تعالى وطاعته، كان نجاة له يوم القيامة، ومن كان غير ذلك فاستغل لسانه في غضب الله وسخطه، كمن يغتاب الناس ويسبهم ويلعنهم، ويعتدي عليهم بقوله، ويهمز ويلمز ويستهزئ، فأولئك كان عملهم مثبورا.
المقصود بحفظ اللسان، هو ألا يتحدث الإنسان إلا بخير، وأن يبتعد عن قبيح الكلام، وعن الغيبة والنميمة والفحش.
فاللسان سبب لإهلاك صاحبه، أو إنقاذه، فمن ملك لسانه، وصانه عما حرم الله تعالى، كان لسانه قائداً له إلى رضوان الله، ومن أفلت للسانه العنان، وتركه يصول في الحرام، والوقوع في الآثام، كان قاذفاً به إلى نار جهنم وحفظ اللسان عن الحرام دليل على صحة الاعتقاد، وسلامة الإيمان.

صفات المؤمنين
ومن صفات المؤمنين أنهم يحفظون ألسنتهم من الخوض في أعراض الناس، ويبتعدون عن اللغو في الكلام، والأدب في حفظ اللسان وطيب الكلام من سمات عباد الرحمن كما في قوله تعالي واصفاً لهم ومادحاً: «وعباد الرحمن الذين يمشون علي الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما» وقال عز وجل: «وإذا مروا باللغو مروا كراماً» «الفرقان: 72» وبين سبحانه أنه لا يصعد إليه إلا الطيب من الأقوال والأعمال: «إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه» ولأهمية اللسان وخطر ما ينطق به فإن الأعضاء تأمره كل يوم أن يتقي الله فيها واللسان نعمة من الله علي بني آدم إذ به يعبد الله وحده لا شريك له.
ويؤكد العلماء أن الإنسان مسؤول عن كل لفظ يخرج من فمه حيث يسجله الله ويحاسبه عليه، قال الله تعالى: «وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد» «ق:18» واللسان على صغره عظيم الخطر، فلا ينجو من شره إلا من قيده بلجام الشرع، فيكفه عن كل ما يخشى عاقبته في الدنيا والآخرة أما من أطلقه وأهمله، سلك به الشيطان في كل ميدان، وساقه إلى شفا جرف هار، يضطره إلى دار البوار.
وفي الحديث الطويل عن معاذ رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم: «وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم» وفي البخاري ومسلم، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت» وهذا الحديث نص صريح في أنه لا ينبغي أن يتكلم الإنسان إلا إذا كان الكلام خيرا، وهو الذي ظهرت له مصلحته، ومتى شك في ظهور المصلحة فلا يتكلم.
وأطايب الكلام تورث سكنى أعالي الجنان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في الجنة غُرفاً يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن أطعم الطعام، وألان الكلام، وتابع الصيام، وصلى بالليل والناس نيام».
حسن الخلق
ومما يدل على عظم خطورة اللسان قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه».
ومن حفظ اللسان طول الصمت إلا عن خير قال صلى الله عليه وسلم: «عليك بحسن الخلق وطول الصمت فوالذي نفسي بيده ما تجمل الخلائق بمثلهما».
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله! أي المسلمين أفضل؟ قال: «من سلم المسلمون من لسانه ويده».
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال، قلت، يا رسول الله ما النجاة، قال: «أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك»، وحث رسول الله صلى الله عليه وسلم على طيب الكلام فقال: «اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة».
حركة اللسان
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومن العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام والظلم والزنا والسرقة وشرب الخمر، ومن النظر المحرم وغير ذلك، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه، حتى ترى الرجل ليشار إليه بالدين والزهد والعبادة، وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله لا يلقي لها بالا، ينزل بالكلمة الواحدة منها أبعد مما بين المشرق والمغرب، وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات، ولا يبالي ما يقول.
ومن أراد أن يسلم من سوءات اللسان فلا بد له ألا يتكلم إلا لينفع بكلامه نفسه أو غيره، أو ليدفع ضرا وأن يتخير الوقت المناسب للكلام، ومن تحدث حيث لا يحسن الكلام كان عرضة للخطأ والزلل، ولابد للإنسان من تخير كلامه وألفاظه، فكلامه عنوان على عقله وأدبه، وكما قيل يستدل على عقل الرجل بكلامه، وعلى أصله بفعله.


أظلنا شهر شعبان، وأهل ببركاته ونفحاته، تمهيداً وتوطئة لشهر رمضان المبارك، ولذا فإن الخير يتشعب فيه من كل جانب، فقد ورد أن الرسول صلى الله ليه وسلم كان يؤثره بمزيد من الصيام عن بقية شهور العام، سوى رمضان المبارك، ولما سأله أسامة بن زيد بن حارثة، رضي الله عنهما، عن سر إكثاره من الصيام فيه، أجابه، صلى الله عليه وسلم بأنه شهر يغفل الناس عنه بين رجب وهو من الأشهر الحرم، ورمضان وهو شهر القرآن، وهو إلى جانب ذلك، ترفع الأعمال فيه إلى الله سبحانه وتعالى، كما ورد في الحديث أن أسامة بن زيد، رضي الله عنهما، قال: «قلت يا رسول الله: لم أرك تصوم في شهر من الشهور كما تصوم في شعبان؟ قال- عليه الصلاة والسلام- ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، فيه ترفع الأعمال إلى الله، وأحب أن يرفع عملي إلى الله تعالى وأنا صائم»، (أخرجه النسائي)، كما وروي عن عائشة- رضي الله عنها- أنها قالت: «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان»، (أخرجه البخاري).
ذكريات إسلامية
إن شهر شعبان حافل بالذكريات الإسلامية العظيمة، فهو الشهر الذي انتصر فيه رسولنا- صلى الله عليه وسلم- في غزوة بني المصطلق، وفيه تزوج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حفصة بنت عمر بن الخطاب- رضي الله عنهما-، كما وفرض فيه صيام شهر رمضان المبارك، ولكن أبرز حدث كان فيه، هو تحويل القبلة من بيت المقدس إلى مكة المكرمة، من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام.
ومن المعلوم أن القبلة، هي جامعة المسلمين جميعاً، وهي همزة الوصل الربانية، فعندما يذهب أي مسلم إلى أي مكان في العالم، فإنه يبحث أول ما يبحث عنه هو تحديد القبلة، وهو هنا لا يبحث عن جهة جغرافية على خريطة العالم، وإنما يبحث عن طريقة للاتصال بالأمة التي ينتمي إليها، والتواصل معها من خلال هذه الجهة المحددة التي يتوجه إليها كل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، ومن المعلوم أن المسلمين خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله، ورسولهم- صلى الله عليه وسلم- خير الرسل فهو خاتمهم- عليهم جميعاً الصلاة والسلام-، وكتابهم خير الكتب، لأنه مصدق لها ومهيمن عليها، فعلاقة المؤمنين بالكعبة علاقة تشدهم بجاذبية إيمانية، كتلك الجاذبية الكونية التي تشد الكواكب إلى الشمس مركزها، وقد أثبت العلم أن مكة المكرمة هي أوسط مكان على سطح الأرض في يابستنا، وبذلك كانت مكة أوسط بلاد الله، والناس من حول الكعبة وهي المركز، يتحلقون حلقات، تضيق كلما اقتربوا، وتتسع وتتراحب كلما تباعدت الأماكن، وقد كتب الله عز وجل لهذه الحلقات ألا تتوقف، لا في زمان ولا في مكان، على اختلاف المواقيت، فنحن نصلي هنا العصر، والناس يصلون المغرب هناك، أو نصلي الظهر، ويصلون المغرب أو العصر هُناك، وبذلك تستمر الحلقات التي تتكون منها هذه الأمة، لا يسكت أبداً ذكر الله من على هذه الأرض، فالمسجد الحرام هو قبلة المسلمين، وهو أول بيت وضع للناس مباركاً وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمناً.
معجزة قرآنية
ومن المعلوم أن المسجد الأقصى اسم إسلامي، لم يكن معروفاً بهذا في الجاهلية، والأقصى الأبعد لبعد المسافة بينه وبين المسجد الحرام، ولم يكن في الدنيا آنذاك غير هذين المسجدين، وكان في التعبير عنه بالأقصى معجزة قرآنية للإشارة إلى ما يحدث بعد من مسجد ثالث يكون بينهما، وهو مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة، وهو قَصِيٌّ عن المسجد الحرام، ولكن الأقصى أبعد منه، وقد بارك الله حوله كما في الآية الكريمة (الذي باركنا حوله)، «سورة الإسراء، الآية 1»، باركنا حوله ببركات كثيرة حسية ومعنوية، حسية لكثرة الأشجار والفواكه والثمار والمياه والأنهار، وبركات معنوية، بجعله مقر الأنبياء والرسل الكرام - عليهم جميعاً الصلاة والسلام - ومنشأ الديانات السماوية، وفيها ينزل عيسى - عليه الصلاة والسلام - آخر الزمان، وهي كذلك أرض المحشر كما في الأحاديث الشريفة.
وفي هذا الشهر الكريم وفي ليلة النصف منه حولت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة، بعد أن ظل المسلمون يستقبلون بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً، منذ هاجر المصطفى- صلى الله عليه وسلم- من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، حيث كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يحب أن يُحَوّل نحو الكعبة، لأنها قبلة سيدنا إبراهيم- عليه الصلاة والسلام-، وفي تحويل القبلة تحقيق لرجاء الرسول- صلى الله عليه وسلم - فنزلت (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ)، «سورة البقرة، الآية 144»، فَصُرِفَ إلى الكعبة.
تثبيت القلوب
لقد كان هذا التحويل اختباراً لأصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ومعرفة لمدى استجابتهم لأوامر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- تصديقاً لقول الله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ)، «سورة البقرة، الآية 143».
كما وكان هذا التحويل زيادة في الإيمان للمؤمنين وتثبيتاً لقلوبهم، وإثباتاً لحسن طاعتهم لله ورسوله، أما المنافقون فزلزلوا وارتابت قلوبهم، وحادوا عن الحق والهدى، وأما يهود المدينة فانتهزوها فرصة للطعن في صدق الرسول- صلى الله عليه وسلم- فرد الله تعالى عليهم وعلى من شايعهم في الهجوم بقوله تعالى: (سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)، «سورة البقرة، الآية 142».
ورغم تحويل القبلة إلى الكعبة المشرفة بمكة المكرمة، فقد ظل تعلق المسلمين بهذا المسجد على حاله، باعتباره ثالث الحرمين الشريفين التي لا تشد الرحال إلا إليها، لِقَدْر الصلاة فيها، ولمضاعفة أجر الصلاة في هذه المساجد على غيرها.
ويتجلى في توحيد القبلة، الأثر الواضح في وحدة المسلمين، فكلهم مهما تباعدت أقطارهم ودولهم واختلفت أجناسهم وألوانهم يتجهون إلى قبلة واحدة، فتتوحد عواطفهم ومشاعرهم، ويستشعرون الانتماء الروحي والديني والعاطفي في اتجاههم إلى أقدس بقعة وأشرف مكان اختاره رب العزة سبحانه بيتاً له، وأمر بإقامته والطواف حوله والاتجاه إليه في كل صلاة.
لقد ربط الله بين المسجدين الحرام بمكة المكرمة، والأقصى بالقدس في حادثة الإسراء والمعراج، ثم كان تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، هذا درس كبير في الوحدة، فالله أمرنا بأن نكون متحدين متحابين فربنا واحد، وكتابنا واحد، ورسولنا واحد، وقبلتنا واحدة، فلماذا لا نكون على قلب رجل واحد.
الأمة العربية والإسلامية أحوج ما تكون إلى الوحدة ورص الصفوف في ظل العولمة، وفي ظل الظروف القاسية التي يمر بها العالم اليوم، هذا العالم الذي لا مكان فيه للضعفاء ولا للمتفرقين.
وكما قال الشاعر:
رص الصفوف عقيدة ................... أوصى الإله بها نبيه
ويد الإله مع الجماعة ................... والتفرق جاهلية
فما أحرانا ونحن نعيش واقعاً بالغ الصعوبة كمسلمين، تتكالب علينا الأمم ليس فقط على أفرادنا وشعوبنا، بل وعلى عقيدتنا وديننا، أن نكثر من الضراعة إلى الله والدعاء أن يكشف عنا ما نحن فيه، وأن يجمع شمل أمتنا الحبيبة.
ما أحرانا أن تكون دعواتنا يوم تحويل القبلة أن يصلح الله من أحوالنا وأن يلهم أبناء أمتنا العربية والإسلامية الصواب والرشاد، وأن يوفق قادة الأمتين العربية والإسلامية كي يلتقوا من جديد لقاء الوحدة والاعتصام بحبل الله، لأن هذا وحده هو السبيل لحماية عقيدتنا مما يدبر لها من سوء، ثم لحماية أمتنا من أعدائها الذين يتربصون بها الدوائر.
خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك
www.yo sefsalama.com
الدكتور يوسف جمعة سلامة

الإسلام وضع منهجاً متكاملاً لتربية الأطفال



أحمد مراد
أوضح العلماء أن الإسلام الحنيف وضع منهجا متكاملا لتربية الاطفال، ومنح الطفل حقوقا وامتيازات تضمن له حياة بشرية سليمة، مما جعله متفوقا على المواثيق الدولية لحقوق الطفل والتي يشوبها العديد من أوجه النقص. وأكد العلماء أن الدين الحنيف وضع ضوابط للحفاظ على حياة الطفل من خلال حقوق عدة أوجبها له في مختلف مراحل نموه تبدأ من قبل أن يولد وتستمر معه حتى يبلغ رشده، وبذلك سبق الإسلام كل الحضارات الأخرى بعدما وضع قواعد وأسسا نظرية وعملية في تربية الطفل والمحافظة على حقوقه، وهي الأسس والقواعد التي أثبتت التجارب والوقائع نجاحها ونبل غايتها.
قالت كاميليا حلمي مدير اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل إن الإسلام في جوهره منهج حياة جعل للإنسان بصفة عامة وللطفل بصفة خاصة من الحقوق ما يكفل له حياة كريمة تليق بالإنسانية التي كرمها الله تعالى بنعمة العقل، ولم يترك الإسلام ركنا من أركان الحياة المتعددة إلا وتناوله، وخاصة ما يتعلق بالعلاقات الاسرية، وشموله لها في منظومة إسلامية شاملة لا نقص فيها ولا زيادة، ومن هنا جاءت حقوق الطفل في الإسلام متكاملة، فهي حقوق مقررة من رب العباد العليم بما يصلح للنفس البشرية التي خلقها وسواها، ولهذا جاءت أحكام الشريعة متخطية لحدود الزمان والمكان، والمحاولة والخطأ، وعادلة عدالة مطلقة،وعندما حفظت الشريعة الإسلامية حق المولود في النسب المعلوم والموثق والمشهود عليه والمعلن، وحرمت إنجاب الأطفال خارج العلاقة الزوجية الشرعية، فقد حمت الأطفال من المشكلات المستقبلية التي يعانيها المنجبون خارج إطار الأسرة الشرعية.
الزوجة الصالحة
وتشير مديرة اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل إلى أن رحلة الطفل في الإسلام تبدأ من قبل وجوده، حيث تبدأ من البحث عن أم وزوجة صالحة «فاظفر بذات الدين تربت يداك»، وإذا ولد هذا الطفل ذكرا كان أو أنثى، كان له من الحقوق والواجبات ما يضمن له صلاحه، وعندما كان وأد البنات سنة جاهلية جاءت شريعة الإسلام بتحريمه، ولما كانت البنات فيهن ضعف ووهن وعالة على الأب ولسن مثل الذكور في القوة، عوضت الشريعة أبا البنات بأجر عظيم، كما أنه إذا ولد المولود فإنه تجري له إجراءت كثيرة في الشريعة الإسلامية تدل على أن أمرا مهما قد حدث، فيحتفى به غاية الاحتفاء، ويكرم غاية التكريم.
وتؤكد كاميليا حلمي أن حقوق الطفل في الشريعة الإسلامية كلية حرصت على الكليات والحقوق الأساسية وأجازت الاجتهاد لوضع الآليات والتفاصيل التي تحكمها المستجدات الاجتماعية والاقتصادية والتربوية والسياسية، وفي إطار هذا حمت الشريعة الإسلامية الطفل من التبني، وتغيير العقيدة، والاسترقاق، وحفظت حقوق اللقيط والمريض وذوي الاحتياجات الخاصة.
وتوضح الدكتورة مكارم الديري الاستاذ بجامعة الأزهر أن الإسلام سبق كل الحضارات الأخرى عندما وضع قواعد في تربية الطفل، وهي الأسس والقواعد التي أثبتت التجارب والوقائع نجاحها ونبل غايتها، مؤكدة أن التربية الإسلامية للطفل ترتكز على توازن حقوقه مع واجباته، وعلى شكل يتدرج مع مراحل النمو حتى يصل إلى مرحلة المسؤولية الكاملة في سن التكليف، فالشريعة الإسلامية تشتمل على مراحل متعددة لرعاية الطفل بدءا من اختيار الزوجة ومرورا بمراحل الحمل والولادة.
وتؤكد أن النظرية الإسلامية في التربية من أكثر النظريات التربوية صلاحية للتطبيق في عالمنا المعاصر إذ أنها اشتقت من الإسلام كدين ومن الإسلام كحضارة وثقافة، ومن هنا جاء الإسلام متضمنا تغطية شاملة لكل حقوق الطفل، وما يحتاج إليه وهو جنين في رحم أمه حتى بلوغه سن الرشد مسجلا بذلك اسلوبا تربويا وقف أمامه أساتذة الطفولة والتربية بمزيد من الدراسة والبحث في جوانبه المتعددة الشاملة لحياة الطفل، بل ان الإسلام جاء موافقا للطبيعة النفسية للطفل، وهو ما يظهر في العديد من الآيات القرآنية والاحاديث النبوية التي تحث على أهمية المداعبة وممارسة الالعاب مع الاطفال، وهي الاستراتيجية الاولى للتعليم.
وتضيف: لقد حمت الشريعة الإسلامية حقوق الطفل من مصيبة التشريع بالأهواء وعدد الأصوات فلعن الله نظاما يحل قتل الجنين بواحد وخمسين صوتا، ولا يستطيع منعه بتسعة وأربعين صوتا، فهناك ثوابت مثل حق الحياة، وحق النسب، وحق الرعاية الأبوية، لا يمكن الخروج عليها شرعا، كما أقرت الشريعة الإسلامية حقوقا للطفل عجزت عنها القوانين كحقه في اختيار الأم ذات الأخلاق الحميدة، وحقه في الاسم الحسن، وحقه في الانجاب داخل الأسرة، وحقه في الرضاعة، وحقه في بيئة طاهرة، وحقه في التربية الإيمانية، وحقه في الحماية من النار والشيطان، كذلك حمت الشريعة الإسلامية حق الطفل في الوصية الهادئة، وحقه قبل الميلاد في الميراث، وحقه في الوصية والميراث الشرعي.
ويقول الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق، لقد عني الإسلام بالطفل عناية فائقة في كل أطوار حياته، قبل أن يولد وبعد أن يولد حتى يصير رجلا كاملا يعرف حق ربه وحق وطنه ومجتمعه، وقد سبق الرسول الكريم بأحاديثه الشريفة كل المواثيق الدولية عندما أكد أن حقوق الطفل تبدأ قبل زواج الوالدين، وذلك بحسن اختيار كل منهما لآخر. ويضيف الشيخ عاشور: ولقد وضع الإسلام الحنيف ضوابط للحفاظ على الطفل في كل مراحل حياته، حيث يهتم به قبل أن يولد، وذلك بوجوب أن يختار الأب الأم الصالحة أولا، ثم بعد ذلك يثبت له حق ثبوت النسب والحضانة، وغير ذلك من الحقوق التي اوجبها الإسلام للطفل مثل تعليمه قواعد الإيمان، وتدريبه على عبادة الله وطاعته، وتأديبه بآداب الإسلام ومكارم الاخلاق، واجتناب المحرمات وسائر العادات والسلوكيات الضارة، والتدرج في منحه الحرية تمهيدا لتحمله المسؤولية الكاملة.
حقوق الطفل
وترصد الدكتورة سعاد صالح الاستاذ بجامعة الأزهر، بعضا من حقوق الطفل التي جاءت بها الشريعة الإسلامية أبرزها الأذان في أذن المولود، وتحنيك المولود، والتحنيك هدي نبوي كريم شرع للمولود عقب ولادته ومعناه تليين التمرة حتى تصير مائعة بحيث تبتلع ويفتح فم المولود، ثم يدلك حنكه بها بعد ولادته، وذلك لتقوية عضلات الفم بحركة اللسان مع الحنك والفكين، وتسهيل عملية خروج الأسنان حتى لا يشق على الطفل، بالاضافة إلى رضاعته من ثدي أمه، وهي حق من الحقوق الشرعية للطفل وهو ملقى على عاتق الأم وواجب عليها، وبعد ذلك يأتي الفطام التدريجي وغير المفاجئ فلا يفطم الطفل فجائيا إلا في حالتين فقط وهما لضرر قد يصيب الأم أو الطفل بسبب الرضاعة ويقول بذلك طبيب مسلم موثوق بأمانته، وايضا النفقة فما جاءت به الشريعة وأوجبته في حق المولود على الوالد النفقة عليه حتى يبلغ الذكر وتتزوج الأنثى قال صلى الله عليه وسلم: «أفضل دينار ينفقه الرجل دينار على عياله».
تنمية القدرات
وتشير إلى أن تربية الطفل في الإسلام هي تنمية ملكات الفرد وقدراته من أجل بلوغ الطفل كماله النفسي والعقلي، والهدف منها هو إنشاء جيل على نهج النبي والصحابة الكرام يعتقدون معتقدهم وينهجون نهجهم في أقوالهم وأفعالهم وسمتهم، ويتمثل دورالأبوين في التربية في توفير النموذج المثالي أمام عين الطفل وأهم نموذج بالنسبة للطفل هما الأبوان فالصحيح عندهم صحيح عنده والخطأ عندهم خطأ عنده.

نعيم بن حماد طلب العلم منذ طفولته بحفظ القرآن الكريم


عمرو أبوالفضل

الإمام نعيم بن حماد من كبار علماء الفقه والحديث، وأوحد الفرائض في عصره، أمضى حياته في الدفاع عن صحيح الدين، ونقد أصحاب الباطل، ومحاربة المذاهب المنحرفة، وتسببت شدته على المبتدعة في سجنه وموته في قيوده، حيث توفي رحمه الله- ببغداد سنة 227 هجريا، وقيل سنة 228 هـ.

ويقول الدكتور عثمان الخشت الاستاذ بجامعة القاهرة، ولد نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث ابن همام بن سلمة بن مالك، وكنيته أبو عبدالله، في مرو، واتجه منذ طفولته الى طلب العلم بحفظ القرآن الكريم وتعلم علوم العربية والحديث وعلوم الشريعة على كبار شيوخها، وارتحل في طلب العلم إلى خراسان والحجاز وبغداد والشام واليمن، وانكب على دراسة الحديث، فاخذ على مشاهير علماء عصره، وحدث عن أبي حمزة السكري، وهشيم، وعبد الله بن المبارك، وفضيل بن عياض، وسفيان بن عيينة، ويحيى القطان، وكثيرين غيرهم.

وأشار إلى أن الإمام ابن نعيم برع في الحديث وأتقنه، حتى صار علم الحفاظ وعالمهم والمشار إليه من بينهم وعليه يدور الكلام في صحة الحديث أو تضعيفه، وصار الناس يقرنونه بمشاهير العلماء من أساطين علم الحديث. وكان آية من آيات الحفظ واستحضار النصوص والأصول وأسماء الرجال وألقابهم. وقيل انه جمع برحلته وذكائه وجده حديثا كثيرا، حتى كتب عن شيخه روح بن عبادة خمسين ألف حديث. وروى عنه البخاري، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، ويحيى بن معين، والذهلي، وخلق سواهم.

طلب العلم
وأوضح الدكتور عثمان الخشت الاستاذ بجامعة القاهرة، أن الامام ابن نعيم انتقل إلى مصر وأقام بها وجلس للتدريس بمدارسها والتف حوله طلاب العلم وذاع صيته وطافت شهرته الآفاق، وبقي فيها أربعين عاما، معلما وإماما في الحديث والفرائض والسنة، وكان من أوعية العلم والمعرفة، وأثنى على علمه العلماء، قال أحمد العجلي: «نعيم بن حماد ثقة صدوق»، وقال أبو زرعة الدمشقي: «يصل أحاديث يوقفها الناس»، وقال أبو حاتم:«ووضع ثلاثة عشر كتابا في الرد على الجهمية وكان من أعلم الناس بالفرائض»، ووصفه ابن حجر بأنه:«صدوق يخطئ كثيرا، فقيه عارف بالفرائض»، وذكر ابن عدي انه:«كان أحد من يتصلب في السنة»، وذكر الذهبي أنه: كان شديدا على الجهمية، أخذ ذلك عن نوح الجامع، وكان كاتبه، وقال صالح بن مسمار: «سمعت نعيما يقول: أنا كنت جهميا، فلذلك عرفت كلامهم، فلما طلبت الحديث عرفت أن أمرهم يرجع إلى التعطيل»، وقال الخطيب: يقال إن نعيم بن حماد أول من جمع المسند وصنفه، وترك مصنفات فريدة فى الفقه والحديث منها «المسند»، و«الفتن»، و«الرد على الجهمية».

طريق الحق

وبين الدكتور عثمان الخشت أن الامام ابن نعيم- رحمه الله- صاحب عقيدة صافية نقية، يلتمس أبوابها ومفرداتها من فقه الكتاب والسنة، وما كان عليه أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- عازفا عن طريقة الفلاسفة ومنهج المتكلمين ويرى الحق في إتباع النصوص والتزامها من دون تأويل ولا تعطيل، ولا تشبيه ولا تمثيل، ولهذا، فقد كان حربا على الفرق الضالة والأحزاب المبتدعة.

وكما بين أن مواقفه من أصحاب البدع لا سيما في أبواب الأسماء والصفات، من تعطيل أو تشبيه، وهجومه اللاذع على التيارات المنحرفة أثارت أحقاد المتعصبين والخصوم المقلدين.

وأشار الدكتور عثمان الخشت إلى أنه تعرض أثناء وجوده في مصر لمحنة قاسية بسبب موقفه من مسألة خلق القران، فقد اعتقد الخليفة المأمون برأي المعتزلة في خلق القران، وطلب من ولاته في الأمصار عزل القضاة وامتحان الأئمة والعلماء الذين لا يقولون برأيهم، وحمل الناس على قبولها قسرا وقهرا دون دليل أو بينة، فمن أجابهم أطلقوه، ومن أبى حبسوه وعذبوه، ولما هلك المأمون سار المعتصم على دربه واستمر في امتحان العلماء، ولما استدعى والي مصر الإمام ابن نعيم لامتحانه والقول بخلق القرآن، رفض أن يجيب فيه بشيء مما أرادوه عليه، فقيده وحمله إلى العراق، فوصل سامراء وامتحن فثبت فأمر به إلى السجن، وطال بقاؤه في السجن بقيوده، وحين شعر بدنو أجله أوصى بأن يدفن في قيوده، وروى الخطيب بسنده إلى أبي بكر الطرسوسي يقول: «أخذ نعيم بن حماد في أيام المحنة سنة ثلاث وعشرين أو أربع وعشرين، وألقوه في السجن ومات في سنة سبع وعشرين، وأوصى أن يدفن في قيوده وقال إني مخاصم»، فقد أراد أن يقف بين يدي ربه يخاصم من آذاه في الله وظلمه بغير حق إلا أن ينـزه ربه عما لا يليق به. وحين جاءه الأجل لقي ربه في السجن.

وقال الدكتور عثمان الخشت إن المصادر ذكرت ان خصومه جروه بعد موته بقيوده، وألقوه في حفرة، وتركوه، فلم يغسلوه ولم يكفنوه ولم يصلوا عليه ولم يدفنوه بل تركوه لسباع الأرض وهوامها، فقد روى أبو القاسم البغوي، وإبراهيم بن عرفة نفطويه، وابن عدى: كان مقيدا محبوسا لامتناعه من القول بخلق القرآن، فجر بأقياده، فألقي في حفرة، ولم يكفن، ولم يصل عليه. فعل به ذلك صاحب ابن أبي دواد.

فتاوى


الأذان

◆ هل أذّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أم لم يؤذن ولماذا؟

◆ لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أذن، وإنما اختار أحد أصحابه ليكون مؤذنا، ففي سنن أبي داود من حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه في قصة بدء الأذان قال: «...فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت، فليؤذن به، فإنه أندى صوتا منك».

وقد ورد بسند ضعيف أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن مرة في سفر، ففي سنن الترمذي:»...فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته...».
وذكر بعض العلماء أنه صلى الله عليه وسلم إنما أمر بلالا بالأذان في ذلك السفر، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري: (... وكذا جزم النووي بأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن مرة في السفر وعزاه للترمذي وقواه ولكن وجدناه في مسند أحمد من الوجه الذي أخرجه الترمذي ولفظه فأمر بلالا فأذن فعرف أن في رواية الترمذي اختصارا).

ومما يفسر عدم قيام النبي صلى الله عليه وسلم بالأذان هو أنه كان مشغولا عن رقابة الوقت بتدبير أمور المسلمين وكان هو إمامهم في الصلاة، وفي هذا توجيه لأهمية تعاون الإمام والمؤذن في ضبط أوقات الصلاة، ففي سنن أبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين».

وقال العلامة المناوي رحمه الله في فيض القدير: (والمؤذن مؤتمن: أي أمين على صلاة الناس وصيامهم وإفطارهم وسحورهم ...).

والخلاصة: لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أذن، وإنما اختار أحد أصحابه ليكون مؤذنا، ومما يفسر عدم قيام النبي صلى الله عليه وسلم بالأذان هو أنه كان مشغولا بتدبير أمور المسلمين وكان هو إمامهم في الصلاة، وفي هذا توجيه لأهمية تعاون الإمام والمؤذن في ضبط أوقات الصلاة.

صلاة الجمعة

◆ماهي خطوات الغسل لأداء صلاة الجمعة؟

◆ ليست هنالك خطوات معينة يجب اتباعها في غسل الجمعة وإنما يطلب فيه ما يطلب في الغسل عموما من تعميم الماء على البدن ومن الدلك وتخليل الشعر تحقيقا للطهارة والنظافة.

وقد وُصف غسل الجمعة في بعض الأحاديث بأنه مثل غسل الجنابة ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال «من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح، فكأنما قرب بدنة».

وقال العلامة الباجي رحمه الله في كتابه المنتقى: ( يحتمل أن يريد به غسلا على صفة غسل الجنابة ويحتمل أن يريد به الجنب المغتسل لجنابته).

ومن المعروف أن الصفة المستحبة لغسل الجنابة هو البدء بغسل الفرج ثم الوضوء ثم تعميم الماء على البدن مع الدلك وتخليل الشعر وتقديم أعالي الجسم وميامينه.

والخلاصة: لا تجب في غسل الجمعة خطوات معينة، وإنما يطلب فيه ما يطلب في الغسل عموما من تعميم الماء على البدن مع الدلك وتخليل الشعر تحقيقا للطهارة والنظافة، وقد وصف بأنه مثل غسل الجنابة.

سجادة الصلاة

◆ هل يجوز ترك السجادة مفروشة على الأرض بعد الصلاة؟

◆ يجوز ترك السجادة مفروشة على الأرض بعد الصلاة عليها، وما يفعله الناس عادة من طيها بعد الصلاة هو من باب المحافظة عليها حتى تبقى نظيفة طاهرة، أو لتنبيه الناس لئلا يدوسوها أو يلوثوها. ولعل طي السجادة المخصصة للصلاة هو من باب تعظيم حرمات الله، فقد قال الله تعالى«ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب» الحج 32، وقال«ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه» الحج: 30.

والخلاصة: يجوز ترك السجادة مفروشة على الأرض بعد الصلاة عليها، وما يفعله الناس عادة من طيها بعد الصلاة هو من باب المحافظة عليها حتى تبقى نظيفة طاهرة.

قضاء رمضان

◆ علي قضاء 7 أيام من رمضان الماضي، وأنا حاليا حامل وربما لا أستطيع صيام رمضان. فما الحل؟

◆ ليس هنالك شيء يقوم مقام القضاء في حالتك، وما دام الصوم يؤثر على صحتك أثناء الحمل أو الرضاعة فأجلي قضاء ماعليك حتى الوقت المناسب ولا شيء عليك في التأخير ما دمت معذورة، ولا كفارة عليك في التأخير لأنك معذورة.

وقال العلامة الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: (كحامل ومرضع ...، فيجوز فطرهما إن خافتا عليه المرض أو زيادته ويجب إن خافتا هلاكا أو شديد أذى...).

أما الأيام التي ستفطرينها بسبب الرضاعة خوفا على صحة ولدك فعليك مع قضائها فدية عن كل يوم، قال العلامة النفراوي رحمه الله في الفواكه الدواني: (وللمرضع إن خافت على ولدها ولم تجد من تستأجره له أو لم يقبل غيرها أن تفطر وتطعم)، أي تطعم مدا لكل مسكين عن كل يوم.

والخلاصة: ليس هنالك شيء يقوم مقام القضاء في حالتك، ولا شيء عليك في تأجيل القضاء.

فهل يكفي المسح على الجبيرة في الغسل والوضوء؟

يكفي في الغسل والوضوء أن تمسح على الجبيرة التي ذكرت ولو تجاوزت لمحل الكسر لأن ذلك التجاوز هو لضرورة التثبيت، قال العلامة الخرشي رحمه الله في شرحه لمختصر خليل: (وكذلك يجوز المسح وإن وضعت الجبائر بلا طهر وإن انتشرت العصائب وجاوزت محل الألم لأن ذلك من ضروريات الشد).

والخلاصة: يكفي في الغسل والوضوء أن تمسح على الجبيرة التي ذكرت ولو تجاوزت لمحل الكسر لأن ذلك التجاوز هو لضرورة التثبيت.

الجمعة

◆ما حكم التخلف عن الجمعة بسبب الشغل؟

◆ نسأل الله العلي القدير أن يجعلك من المحافظين على صلاة الجماعة والشغل الذي يبيح التخلف عن الجمعة هو الشغل الذي يترتب على تركه مفسدة محققة في المال أو في النفس، كالأعمال المتعلقة بالأمن وكعمل الأطباء المناوبين في وقت الجمعة خدمة للحالات الطارئة ونحو ذلك، ومتى تركها لعذر شرعي مقبول فهو غير آثم.

أما الأعمال التجارية ونحوها من المصالح فلا تبيح التخلف عن الجمعة، ومن المعروف أن التخلف عن الجمعة لغير عذر شروعي يترتب عليه الكثير من الإثم، ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمْ الْجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنْ الْغَافِلِينَ».

والخلاصة: الشغل الذي يبيح التخلف عن الجمعة هو ما يترتب على تركه مفسدة محققة، كالأعمال المتعلقة بالأمن وكعمل الأطباء المناوبين في وقت الجمعة خدمة للحالات الطارئة ونحو ذلك.

اولا: عيون يحبها الله


اولا: عيون يحبها الله


- عيون تحرس في سبيل الله ما أجمل أن تسهر عيون مخلصة للحراسة في سبيل الله حفاظا على الأمة رجالا ونساءأصحاب هذه العيون لا يرجون الأجر إلا من الله وحده ولذلك يمدحهم الرسول صلى الله عليه وسلم‏في حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ‏:‏ عينان لا تمسهما النار : عين بكت من خشية الله ، وعين باتت تحرس في سبيل الله ‏ ‏.‏ ‏الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الترمذي - المصدر: سنن الترمذي - الصفحة أو الرقم: 1639خلاصة حكم المحدث: حسن

2- عيون تدمع من خشية

الله في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر من السبعة الذين يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل له إلا ظله:رجلا ذكر الله خاليا ففاضت عيناه" :‏ أي خوفا مما جناه واقترفه من المخالفات والذنوب ‏.‏.وربما شوقا إليه وإلى لقائه جل جلاله‏.‏‏ قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه ‏:لأن أدمع دمعة من خشية الله أحب إلي من أن أتصدق بألف ديناروقال مالك بن دينار ‏:‏البكاء على الخطيئة يحط الذنوب كما يحط الريح الورق اليابس ‏.‏ ‏وما أجمل أن تنحدر دموع الباكين من خشية الله إما خشية منه سبحانه وتعالى فهو المتصف بصفات الجلال (الجبار –القهار- المنتقم –المذل-العزيز ..), وإما تنهال الدموع حين يستشعر صاحبها أن الله يسامح ويغفر ويتوب مع كثرة معاصينا فهو سبحانه المتصف بصفات الجمال (الرحيم –الرحمن- الرؤف- الغفور- العفو- التواب .....) فسبحان من يتصف بالجلال والجمال


3- عيون تكف عن محارم الله

أي العيون التي تكف عن النظر لما حرم الله تعالى لأن صاحب هذه العيون يعلم مدى حرمة النظرلما حرم الله تعالى فيغض عن محارم غير حتى يغض غيره عن محارمه :"قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَـرِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ للَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ" .كل الحــوادث مبدؤها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر ‏كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام بــلا قوس ولا وتر والعبــد ما دام ذا عيـن يقلبها في أعين الغيد موقوف على خطر يســــــر ناظـــره ما ضر خاطره لا مرحبا بسرور عاد بالضــــــــــرر


4- عيون تتامل في خلق الله

فهي تتقلب في السماء بشمسها وقمرها ونجومها وغيومها وصفائها وظلامها بالليل وضيائها في النهار..... وتتأمل في الفضاء الطيور والطائرات كيف يحملها الهواء .... وتتأمل في البحر وما فيها والأرض وما عليها والإنسان وتكوينه (سَنُرِيهِمْ ءاياتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍشَهِيدٌ(53) أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ(54)).سورة فصلت { وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَوَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ 12} سورة النحل

5- عيون تنظر في كتاب الله

{ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ 83}سورة المائدة ما أجمل النظر في كتاب الله لتلاوة الآيات بتمعن وتدبر فترق القلوب, وتحن لرحمة الله, وما عنده من الخير الذي أعده الله في جنات النعيم متعنا الله والموحدين جميعا بنعيم الجنان, وكذلك هذه العيون عندما تقع على آيات العذاب فتوجل معها القلوب من خشية الله ومما أعده الله من صنوف العذاب في النار أعاذنا الله والموحدين أجمعين من عذاب النيران


6- عيون تنظر للفقراء برحمة

إن أصحاب القلوب الرقيقة يكونون بفضل الله ذوي عيون بها الرحمة حتى من خلال النظرات الرحيمة التي تبعث الطمأنينة في نفس من يتلقى هذه النظرات بعيدا عن القسوة والجفاء وكثيرا ما تدمع هذه العيون رحمة ورقة لحال أهل الفقر والحاجة .ويقول أحد الشعراء: من روائع الحكمةإن أنت لم ترحم المسكين إن عدما ---- ولا الفقير إذ يشكو لك العدمافكيف ترجو من الرحمن رحمته ----- وإنما يرحم الرحمن من رحماثانيا:

عيون يبغضها الله

1- عيون

لا تغض عن محارم الله في حديث النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا علي بن أبي طالب : (يا علي! لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى و ليست لك الآخرة) رواه الإمام أحمد وأبو داود ":والنظرة سهم من سهام إبليس مسموم""عفوا تعف نسائكم"


2- عيون المتكبرالمتكبر

شخص يرى انه فوق الناس جميعا عندما يمشي المتكبر ينظر إلى الأعلى فلا هم له إلا من هم أعلى منه ولا يعير اهتماماً لمن معه أو دونه إن المتكبر مثل رجل فوق جبل يرى الناس صغارا ويرونه صغيرايقول سيدنا علي لمن يتكبر :علام الكبر وأولك نطفة مذرة وآخرك جيفة قذرة وتحمل في بطنك العذرة(وهو ربما الطعام المهضوم أو ما شابه ذلك)

3- عيون المتجسس

((ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا)) سورة الحجرات والتجسس: هو تتبع عورات الناس وهم في خلواتهم، إما بالنظر إليهم وهم لا يشعرون، وإما باستراق السمع وهم لا يعلمون {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا 58} سورة الاحزاب عن أبي برزة الأسلمي -رضي الله عنه-: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه،لا تغتابواالمسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتَبّع الله عورته،ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته) الراوي: أبو برزة الأسلمي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 4880خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح

4- عيون تسرق النظرات

والله سبحانه جعل الحياء في خلق الانبياء والرسل وصفة الملائكة والمصطفى صلى الله عليه وسلم يقول ألا استحي من رجل تستحي منه الملائكة),, وكان يقصد سيدنا عثمان رضي الله عنه الراوي: عائشة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2620خلاصة حكم المحدث: صحيح وقال صلى الله عليه وسلم اذا لم تستح فافعل ما شئت)الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 4797خلاصة حكم المحدث: صحيح

5- عيون جامدة

فجمود العين من القسوة والإصرا ر على معصية الله عز وجل قال الله تعالى:{واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا } سورة الكهف

6- عين الحاسد

يقول الله تعالى وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وما هو إلا ذكر للعالمين 51) سورة القلم "ليزلقونك بمعنى يحسدونك لبغضهم إياك الإصابة بالعين إما أن تكون من عين إنسية او عين من الجن ،فالجن يصيبون بالعين كإصابة الإنس أو أشد ،ففي سنن النسائي عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عن أَبِي سَعِيدٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : يَتَعَوَّذُ مِنْ عَيْنِ الْجَانِّ وَعيْنِ الإنسِ فَلَمَّا نَزَلَتِ الْمُعَوِّذَتَانِ أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَى ذَلِكَ.يقول ابن القيم :والعَيْن عَيْنان ،عَيْنٌ إنسية ،وعَيْنٌ جِنِّية .فقد صح عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا النبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأي بَيْتِهَا جَارِيَةً فِي وَجْهِهَا سَفْعَةٌ قَالَ ((اسْتَرقُوا لها ، فإنَّ بها النَّظرَة)) .الراوي: أم سلمة هند بنت أبي أمية المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم

الخميس، 28 يونيو 2012

اعظم رجل بالتاريخ محمد عليه السلام


وَأَحسَنُ مِنكَ لَم تَرَ قَطُّ عَيني / وَأَجمَلُ مِنكَ لَم تَلِدِ النِساءُ/ خُلِقتَ مُبَرَّءً مِن كُلِّ عَيبٍ/ كَأَنَّكَ قَد خُلِقتَ كَما تَشاءُ" 

هذه الأبيات قالها حسان بن ثابت "شاعر الرسول" في مدح أشرف خلق الله جميعاً رسولنا الكريم "محمد" صلى الله عليه وسلم، والذي حمل لنا رسالة الله عز وجل فكان نبراساً مضيئاً ورحمة مهداة للبشرية جميعها.

شخصية رسولنا الكريم بما جمعته من معاني وصفات جليلة كانت محل تأمل للعديد من المفكرين والفلاسفة حول العالم، كما تناول الشعراء سيرته العطرة بالمدائح وبالرثاء عقب وفاته. 

ونقلب صفحات كتاب " الإسلام ورسوله في فكر هؤلاء " لمؤلفه أحمد حامد الذي يجمع فيه أراء نخبة هائلة من الأدباء والمفكرين والفلاسفة في الإسلام ورسوله الكريم "محمد صلى الله عليه وسلم". 

برنارد شو

الكاتب المسرحي البريطاني جورج برنارد شو، رفض أن يكون أداة لتشويه صورة الرسول "صلى الله عليه وسلم" عندما طلب منه البعض أن يمسرح حياة النبي حيث جاء رفضه قاطعاً.

ومما قاله عن الإسلام ورسوله: "قرأت حياة رسول الإسلام جيداً، مرات ومرات لم أجد فيها إلا الخلق كما يجب أن يكون، وأصبحت أضع محمداً في مصاف بل على قمم المصاف من الرجال الذين يجب أن يتبعوا". 

و"لما قرأت دين محمد أحسست أنه دين عظيم، وأعتقد أن هذا الدين العظيم سيسود العالم ذات يوم قريب مقبل إذا ما وجد الفرصة لانتصاره، ليتعرف العالم عليه بلا تعصب".

وقال أيضاً "لو أن محمداً وجد في هذا العالم اليوم لاستطاع بقوة إقناعه أن يحل كل مشكلات العالم وان يجعل الحب والسلام هم الحياة، ولاشك أن الإسلام ونبي الإسلام، استطاعا أن يجعلاني أقف باحترام شديد للرسالة ورسولها وتمنيت دائماً بأن يكون الإسلام هو سبيل العالم فلا منقذ له سوى رسالة محمد".

"أرجوا أن تفهموا نبؤتي فالإسلام قادم ليصبح العالم به في حب وسلام فقد دخل ومايزال يدخل الإسلام كثرة هائلة من بني قومي ومن الأقوام الأخرى حتى ليمكن أن يقال أن تحول أوروبا إلى الإسلام قد بدأ".

برتراند راسل

أخلاق "محمد" تمنح معنى للوجود

برتراند راسل وهو أحد فلاسفة بريطانيا الكبار والحاصل على جائزة نوبل للسلام عام 1950، قال: "لقد قرأت عن الإسلام ونبي الإسلام فوجدت أنه دين جاء ليصبح دين العالم والإنسانية، فالتعاليم التي جاء بها محمد والتي حفل بها كتابه مازلنا نبحث ونتعلق بذرات منها وننال أعلى الجوائز من أجلها".

و"كان محمد بتعاليمه وكتابه أحق بكل الجوائز لكنه لم يسع إلى ذلك وترك الأمور تسير بطبيعتها حتى لا يتهم بأن الإسلام بالسيف ساد وانتشر".

"لقد كانت ومازالت ديانة محمد توحيداً سهلاً ولم يزعم لنفسه انه إله ولا زعم أتباعه له هذه الطبيعة الإلهية نيابة عنه، لقد كانت الأخلاق الإسلامية منذ محمد وحتى اليوم وغداً هي المفتاح الحقيقي للإنسان الذي يحلم بان يكون لوجوده معنى".

توماس كارليل

الرسول لم يكن من محبي الشهرة

المصلح الاجتماعي الإنجليزي توماس كارليل كان مولعاً بالشخصيات التي غيرت مجرى التاريخ، وأفرد في كتابه "الأبطال" فصلاً كاملاً للحديث عن الرسول الكريم "صلى الله عليه وسلم" واستعرض فيه نواحي العظمة في حياته ورد على افتراءات الكارهين له ولرسالته العظيمة حتى انه اتهم بالتحيز للإسلام.

ومما قاله "قوم يضربون في الصحراء عدة قرون لا يؤبه بهم ولهم فلما جاءهم النبي العربي، أصبحوا قبلة الأنظار في العلوم والمعرفات وكثروا بعد قلة، وعزوا بعد ذلة، ولم يمض قرن حتى استضاءت أطراف الأرض بعقولهم وعلومهم".
كما يفند كارليل مزاعم الكارهين مدافعاً عن رسول الإسلام والرسالة بقوله: "لم يكن رسول الإسلام من محبي الشهرة كما يدعي البعض لم يكن في فؤاد ذلك النبي العظيم أي طمع دنيوي، لأن الذي يتمسك بحبل الله لا تهمه الظواهر ولا السطحيات، فقد تمسك بحبل الله ضارباً حسابا الربح والخسارة عرض الحائظ غير مهتم بجاه أو شهرة أو سلطان، ولو كان يريد ذلك لركن إلى أقوال الذين ساوموه على ذلك، لكنه أقسم أنهم لو وضعوا في يديه القمر والشمس على أن يترك هذا الدين ما تركه".

ويليام موير

السير ويليام موير هو اسكتلندي درس الحقوق في جامعتي أدنبره، وجلاسجو وبدأ يبحث عن الإسلام ويدرس أخلاق نبي الإسلام في بداية وجوده بالهند وله دراسات جديدة منها "سيرة النبي والتاريخ الإسلامي" 

ويقول في كتابه هذا: "من صفات النبي الجديرة بالتنويه والإجلال "الدقة والاحترام" اللتان كان يعامل بهما أتباعه حتى أقلهم شأناً، فالتواضع والرأفة والإنسانية وإنكار الذات والسماحة والإخاء وثقت به محبة كل من حوله"
"ولقد امتاز محمد بوضوح كلامه وسهولة دينه ولقد أتم من الأعمال مالم ولن يستطيعه مصلح اجتماعي، فقد أحيا الأخلاق وحث على الفضيلة، وهذا حال الأنبياء والرسل حينما يربيهم الله ويرسلهم برسالة حق كما أرسل محمداً بالإسلام الحقيقة والحق ليختم الرسالات وأيضاً ليختم الأنبياء".

"صنع محمد أمة من قوم كانوا من قسوة القلب والبداوة بحيث يصعب التأثير فيهم فأصبحوا كما أراد الإسلام ونبيه وراحوا يملأون العالم بعد ذلك علماً ونوراً بعد أن كانوا من الجهالة والجاهلية".

روسو

لم أرى في العالم رجلا مثل "محمد"

الفليسوف الفرنسي جان جاك روسو فقد أبدى إعجابه بالنبي محمد "صلى الله عليه وسلم" قال:

"لم ير العالم حتى اليوم رجلا استطاع أن يحول العقول، والقلوب من عبادة الأصنام إلى عبادة الإله الواحد إلا "محمداً" ولو لم يكن قد بدأ حياته صادقاً أميناً ما صدقه أقرب الناس إليه، خاصة بعد أن جاءته السماء بالرسالة لنشرها على بني قومه الصلاب العقول والأفئدة، لكن السماء التي اختارته بعناية كي يحمل الرسالة كانت تؤهله صغيراً فشب متأملاً محباً للطبيعة ميالا للعزلة لينفرد بنفسه". 

ويؤكد روسو قائلاً "لو أن محمداً عاش مدة أطول مما عاش، لأصبح الإسلام ورسوله سادة العالم" 

فولتير

الشاعر والكاتب الفرنسي فولتير وصاحب حركة الاستنارة الفرنسية في القرن الثامن عشر والذي كان يؤمن بالتسامح الديني عندما تحدث عن رسول الإسلام قال "السنن التي أتى بها محمد كانت كلها ما عدا تعدد الزوجات قاهرة للنفس ومهذبة لها، فجمال تلك الشريعة وبساطة قواعدها الأصلية جذبا للدين المحمدي، أمماً كثيرة أسلمت"

ويتابع قائلاً "أنه دين يستحق الإعجاب والإجلال والتقدير ذلك لأنه جعل زنوج أواسط إفريقيا، يشعرون بآدميتهم، وجعل سكان جزر البحر الهندي يعرفون أن هناك قوة غير التي اعتادوا عليها"
وينفي ما يتردد حول أن الإسلام استولى قهراً وبالسيف على أكثر من نصف الكرة الأرضية، فيقول "هذه شائعات تحاول أن تقلل من قيمة الإسلام ورسوله، وان الدليل على ذلك أن كثيرين اعتنقوا الإسلام وهم بعيدون عن بلاده وغزوات وفتوحاته، فكيف إذن وصلهم السيف الذي يدعيه مؤرخونا وخطباؤنا".

جوته

أما الشاعر والأديب الألماني يوهان فولفجانج جوته فقد اطلع على القرآن الكريم والسيرة النبوية وكان معجباً بشخصية الرسول نظرا لما قام به من تأسيس الفكر والدين الإسلامي، وانه لم يقصر حياته على مجرد بث التعاليم الدينية، ولكنه استخدم في توصيل رسالته ودعوته وسائل كفاح دنيوية. 

وقد ظهر هذا الإعجاب من خلال أشعاره، وأعماله الأدبية والتي نذكر منها "تراجيديا محمد" هذا الكتاب الذي أنقسم إلى فصلين الأول تحدث فيه عن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، أما الفصل الثاني فقام بتصوير معاناة الرسول أثناء تبليغه الرسالة وما قساه من المشركين خلال ذلك.

كما اختص جوته الرسول محمد "صلى الله عليه وسلم" بقصيدة مدح طويلة، مشبهه بالنهر العظيم الذي يجر معه الجداول والسواقي في طريقه إلي البحر، كما قام بكتابة مسرحية أيضا عن الرسول ولكنها لم تكتمل لوفاته. 
وعن الرسول قال جوته: "كان الرسول معداً إعداداً ربانياً أنفرد به من بين سابقيه من الرسل والأنبياء على كثرتهم".
كما قال "كان رسول الإسلام متواضعاً محباً للخير وجاءته رسالة الخير، استطاع بحبه لرسالته أن يجعلها تمتد وتنتشر وتضرب جذورها في أعماق النفس البشرية التواقة دائماً للتعرف على النواحي الإيجابية في الحياة" 


حول العالم

بروكلمان احد كبار المستشرقين الأمريكيين الذين عشقوا اللغة العربية وله عدة كتب عن تاريخ العرب الأدبي والتاريخ الإسلامي، قال عن سيدنا "محمد" : "لم تشبه شائبة من قريب أو من بعيد، فعندما كان صبياً وشاباً، عاش فوق مستوى الشبهات، التي كان يعيشها أقرانه، من بني جنسه وقومه بدليل أن شريفة مكة وهي السيدة "خديجة" استدعته راجية أن يراعي تجارتها ولفرط ثقتها فيه وأمانته في مالها ولثقته الكبيرة في نفسه طلبته زوجاً لها".

وعن الكيفية التي تعامل بها الرسول "صلى الله عليه وسلم" مع اليهود قال الزعيم الألماني هتلر "أعتقد أن الذي استطاع أن يتعامل مع اليهود، ويكسبهم ويشل حركتهم في نفس الوقت هو رسول الإسلام محمد الذي فهم ما تدور به عقولهم وقلوبهم، لذا كان محمداً حريصاً منهم حريصاً عليهم ليبلغ رسالته فاستقطبهم بطريقته التي لم ولن يصل إلى مرتبتها أحد، فالتعامل مع اليهود مشكلة غير عادية أنهم لا يستحقون الحياة إلا أن محمداً كان واسع الصدر يملك منطقا غير عادي، تأكدنا منه لتعامله معهم بالود الذي لم يألفوه وبالقوة التي شهدوها"
ويتابع هتلر "اعتقد أنه لو كان محمد في عصرنا هذا لما فعل ما فعلت مع اليهود لكنهم لا يستحقون إلا ما قمت به معهم" 

وقال الزعيم الهندي المهاتما غاندي "إن نبي الإسلام هو الذي قادني إلى المناداة بتحرير الهند"، "العظيم الخالد إلى الأبد محمد بن عبد الله رسول الإسلام كان قادراً على السيطرة على العالم كله، ومع ذلك ترك نفسه إنساناً بالإسلام ولم تستطع شهوة الشيطان في السيطرة أن تحوم حتى حوله فعاش نبي الإسلام رسولاً، بشراً عادياً أمام إخوانه من الناس، كواحد منهم رغم أنه اصطفاء إلهي".

تولستوي

الأديب الروسي ليو تولستوي قال "لا يوجد نبي حظي باحترام أعدائه سوى النبي محمد مما جعل الكثرة من الأعداء يدخلون الإسلام" 

ويتابع الأديب الروسي "أنا واحد من المبهورين بالنبي محمد، الذي أختاره الله الواحد لتكون أخر الرسالات على يديه وقلبه وعقله، ليكون هو أيضاً أخر الأنبياء حيث لم يأت ولن يأت بعده جديد، اعتراف محمد بالأنبياء الذين سبقوه بتكليف من الإله الواحد ليقدموا البناء الاجتماعي العالمي الذي جاء يستكمله دليل لا يقبل الشك فقد جاء محمد ليستكمل بالإسلام البناء الاجتماعي للإنسان في كل مكان". 

وفي الشعر قال شرف الدين البوصيري:

مُحَمَّدُ سَيِّدَ الكَوْنَيْنِ والثَّقَلَيْنِ=والفَرِيقَيْنِ مِنْ عُرْبٍ ومِنْ عَجَمِ
نَبِيُّنَا الآمِرُ النَّاهِي فلاَ أَحَدٌ=أبَّرَّ فِي قَوْلِ لا مِنْهُ وَلا نَعَمِ
هُوَ الحَبيبُ الذي تُرْجَى شَفَاعَتُهُ=لِكلِّ هَوْلٍ مِنَ الأهوالِ مُقْتَحَمِ
دَعا إلى اللهِ فالمُسْتَمْسِكُونَ بِهِ=مُسْتَمْسِكُونَ بِحَبْلٍ غيرِ مُنْفَصِمِ
فاقَ النَّبِيِّينَ في خَلْقٍ وفي خُلُقٍ=وَلَمْ يُدانُوهُ في عِلْمٍ وَلا كَرَمِ 
وَكلُّهُمْ مِنْ رَسُولِ اللهِ مُلْتَمِسٌ=غَرْفاً مِنَ الْبَحْرِ أَوْ رَشْفاً مِنَ الدِّيَمِ
ووَاقِفُونَ لَدَيْهِ عندَ حَدِّهِمِ=مِنْ نُقْطَة العِلْمِ أَوْ مِنْ شَكْلَةِ الحِكَمِ
فهْوَ الذي تَمَّ معناهُ وصُورَتُه=ثمَّ اصْطَفَاهُ حَبيباً بارِىءُ النَّسَمِ

أما حسان بن ثابت فقال يمدح الرسول:

شَقَّ لَهُ مِنِ إِسمِهِ كَي يُجِلَّهُ=فَذو العَرشِ مَحمودٌ وَهَذا مُحَمَّدُ
نَبِيٌّ أَتانا بَعدَ يَأسٍ وَفَترَةٍ=مِنَ الرُسلِ وَالأَوثانِ في الأَرضِ تُعبَدُ
فَأَمسى سِراجاً مُستَنيراً وَهادِياً=يَلوحُ كَما لاحَ الصَقيلُ المُهَنَّدُ
وَأَنذَرَنا ناراً وَبَشَّرَ جَنَّةً=وَعَلَّمَنا الإِسلامَ فَاللَهَ نَحمَدُ
وَأَنتَ إِلَهَ الحَقِّ رَبّي وَخالِقي=بِذَلِكَ ما عُمِّرتُ في الناسِ أَشهَدُ
تَعالَيتَ رَبَّ الناسِ عَن قَولِ مَن دَعا =سِواكَ إِلَهاً أَنتَ أَعلى وَأَمجَدُ

الثلاثاء، 26 يونيو 2012

الرقية الشرعية بآيات قرآنية وأدعية وردت عن الرسول


أحمد مراد

وصف علماء من الأزهر الرقية الشرعية بأنها علاج روحي ونفسي لأمراض السحر والحسد، مؤكدين أنها لا تتم إلا بالآيات القرآنية والأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم. واشترط العلماء عدة شروط ينبغي أن تتوفر في الرقية الشرعية حتى تكون صحيحة وبعيدة عن السحر والشعوذة، أهمها الاعتقاد بأنها لا تؤثر بذاتها بل بإذن الله تعالى، وألا تشتمل على شيء غير مباح كالاستغاثة بغير الله، أو دعاء غيره.

قال الدكتور سيد محمود عبدالرحيم أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، هناك عنصران تعتمد عليهما الرقية الشرعية، الأول يتمثل في آيات القرآن الكريم، والثاني يتمثل فيما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من أدعية وأذكار، والأصل في الرقية اجتهاد، وفيها توسع، والذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بخصوص الرقية الشرعية أمور قليلة.

ويضيف: الرقية الشرعية تنفع بأي آيات من القرآن الكريم لأن القرآن كله شفاء، ولكن هناك آيات معينة تتصدى للسحر والجن والعين والمس، وهي الآيات التي يعتمد عليها الراقي في ممارسة الرقية الشرعية، وتأتي سورة الفاتحة على رأس هذه الآيات، ومن بعدها الآيات الخمس الأولى من سورة البقر

وكذلك قول الله تعالى: «وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ».
وكذلك قول الله تعالى في ختام سورة البقرة: «آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ».

وأيضا قول الله تعالى: «أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ»، وأيضا قوله تعالى: «فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ».

كذلك قول الله تعالى: «وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ» هذا بالاضافة إلى أول سورة الصافات، وسورة الإخلاص والفلق والناس.

الاستعاذة

أما الأدعية الواردة عن النبي الكريم فمنها قوله صلى الله عليه وسلم: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، وقوله أيضا: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الارض ولا في السماء وهو السميع العليم وكذلك قوله: أعيذكِ بعزة الله وقدرته من شر ما تجد وتحاذر وقوله: وأعيذك بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة.

ويؤكد أن أخذ الأجر على الرقية الشرعية مباح لقوله صلى الله عليه وسلم: «حق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله»، مشيرا إلى أنه مطلوب من المريض بعد الشفاء أن يتبع نظاما معينا، بحيث يحافظ على الصلوات في وقتها وفي جماعة، ويحافظ على صلاة الفجر، ويواظب على أذكار الصباح والمساء، ويذكر اسم الله إذا أراد أن يأكل أو إذا أراد أن يشرب.

شروط صحتها

ويصف الشيخ علي أبوالحسن رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا الرقية الشرعية بأنها علاج نفسي وروحي وعضوي، فضلا عن أنها تعالج السحر والحسد والمس، مؤكدا أن هناك عددا من الشروط ينبغي أن تتوفر في الرقية حتى تكون صحيحة و بعيدة عن السحر والشعوذة، وأهم هذه الشروط أن يعتقد الراقي والمريض بأنها لا تؤثر بذاتها بل بإذن الله تعالى، وأن تكون بكلام الله، أوبأسمائه، أو صفاته، أو بالأدعية النبوية المأثورة،وأن تكون باللسان العربي، وبصوت مفهوم ومسموع من دون تمتمة وسرية وطلاسم ورموز، و أن تكون مفهومة المعنى، وألا تشتمل على شيء غير مباح كالاستغاثة بغير الله، أو دعاء غيره، أو اسم للجن، أو ملوكهم ونحوه.

الراقي الشرعي

ويفرق الشيخ أبوالحسن بين الرقاة الشرعيين وبين السحرة والمشعوذين، مؤكدا أن الراقي الشرعي إنسان ملتزم بكتاب الله تعالى، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويحافظ على الصلاة، ويحافظ على ألا تكون هناك شبهة في عمله كأن يخلو بإمرأة بلا محرم، كما أن الراقي الشرعي لا تتعدى رقياه القرآن والسنة والادعية التي جاءت عن الرسول صلى الله عليه وسلم. أما الدجال والمشعوذ والساحر والكاهن فله سمت يظهر عليه، فهو لا يصلى، ولا يلتزم بالسنة، ولا يحافظ على الطهارة، ولا تظهر عليه علامات الصالحين.

خداع الناس

ويحذر الشيخ أبوالحسن من انتشار السحرة والمشعوذين، وخداعهم للناس ولبسهم اللباس الشرعي، والذين يوهمون الناس بأنهم يعالجون بالقرآن ويفكون السحر، مشيرا إلى أن من أساليب وعلامات السحرة والمشعوذين أن يسأل عن اسم المريض واسم أمه، ويأمرك ألا تذكر الله، ولا تقل بسم الله عند علاجه لك، وغير ذلك من الأساليب المعروفة.

ويؤكد أن كل من خالف شروط وقواعد الرقية الشرعية فهو ما بين ساحر ومشعوذ ودجال ونصاب، والدجالين والنصابين لا يقلون خطرا عن السحرة والمشعوذين وإن لم يكونوا سحرة فهم يلبسون بلباس الدين ويخدعون الناس أو يبتزونهم بأموال طائلة ويتظاهرون بالصلاح.

وحول تأثير القراءة على الماء والنفث فيه في شفاء المريض. يقول الشيخ أبوالحسن: لقد قال الحورى: نعم، فالماء بحد ذاته علاج فما بالك لوقرئ عليه كلام الله تعالى، وقد ثبت ذلك عن بعض السلف حيث قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: «أن إيصال الرقية والقراءة بالنفخ أو النفخ في الماء ثم يسقيه المريض أو يصب عليه فهذا لا بأس به لفعل السلف له ولا ينكر لأنه له أصل في السنة.

وقال إن علماء مسلمين وغير مسلمين أثبتوا إثباتاً مادياً محسوساً أن الماء يحس ويشعر كما لو كان كائنا حيا يتغير عند سماعه لكلمات المدح كما يتغير عند سماعه لكلمات الهجاء. واثبتوا أيضا أن لسماع كلمات الله وأسمائه طاقة تشفي المريض من أمراض عضوية ونفسية وروحية، مما يدعونا للاعتقاد بجدوى العلاج بالماء المقرأ عليه آيات القرآن خاصة إذا علمنا أن نسبة الماء في جسم الإنسان في متوسطها لا تقل عن 70 في المئة من وزن الجسم.