الثلاثاء، 29 مايو 2012

معجزة الباعوضة القراّنية بالتفاصيل



إِنَ......ّ يقول لله فى كتابه العزيز " اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِين " سورة البقرة

البعوضة هذا المخلوق الضعيف العجيب الله سبحانه وتعالى عندما ضرب مثلا بعوضة ، فهو ليبين للناس أن هذا المخلوق الصغير في حجمه عظيم في خلقه إليكم هذه المعلومات عنها
هي أنثى ( الانثى فقط من تمص الدماء)

لها مائة عين في رأسها

لها في فمها 48 سن

لها ثلاث قلوب في جوفها بكل أقسامها

لها ستة سكاكين في خرطومها ولكل واحدة وظيفتها

لها ثلاث أجنحة في كل طرف مزودة بجهاز حراري يعمل مثل نظام الأشعة تحت الحمراء وظيفته يعرف لها لون الجلد البشري في الظلمة إلى لون بنفسجي حتى تراه

مزودة بجهاز تخدير موضعي يساعدها على غرز إبرتها دون أن يحس الإنسان... وما يحس به كالقرصة هو نتيجة مص الدم

مزودة بجهاز تحليل دم فهي لا تستسيغ كل الدماء

مزودة بجهاز لتمييع الدم حتى يسري في خرطومها الدقيق جدا

وأغرب ما في هذا كله أن العلم الحديث اكتشف أن فوق ظهر البعوضة تعيش حشرة صغيرة جداً لا تُرى إلا بالعين المجهرية

وهذا مصداق لقوله تعالى :
(إِنّ اللَّهَ َ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا.. )

فـ سبحان الله العظيم
البشاير

في التحذير من النجش والغش في البيع

الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل 





الحمد لله الذي أحلَّ لنا الكثير من المكاسب الطيِّبة، وبيَّن لنا طُرقَها. وحرَّم علينا الخبيث منها ونهانا عن الوسائل الموصلة إليها، أحمده على نعمه المترادفة، وأشكره والشكر له من نعمه، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله، الذي بيَّن الله لنا على لسانه كلَّ خير، ونهانا عن كلِّ شرٍّ، صلَّى الله عليه وعلى آله وصَحابته المهتدين بهديه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أمَّا بعدُ:
فيا عباد الله، اتَّقوا الله بامتِثال أوامره واجتناب نواهيه، وتعلَّموا من أمور دِينكم ما به تَعرِفون الحلال من الحرام، وكيف تتعامَلُون مع غيركم في بيعكم وشِرائكم، واحذَرُوا من الوقوع في المحرَّم؛ فقد اعتاد الكثير من الناس الحِرص على جمع المال والحصول عليه بكلِّ وسيلة تمكنه من ذلك، غير مُبالٍ بحلِّه وحُرمته، وإنما الحلال عنده ما حلَّ بيده وقدر عليه.

وممَّا وقَع فيه الكثير من الناس خُصوصًا الذين يشتركون في شِراء السِّلَع؛ كالدكاكين المجهول ما فيها من بضائع، وكالأغنام التي تُجلَب للأسواق، فيبيعها الجالب لها على مجموعاتٍ يشترك في شرائها أشخاصٌ مُتعدِّدون، وبعد ذلك يتبايَعون تلك السلع فيما بينهم بالمزاد، وقد سبَق التنبيهُ على أنَّ شِراء السِّلَع الموجودة في الدكاكين على صفةِ ما يفعله كثيرٌ من الناس من بيع جميع ما في دكَّانه من بضائع بمبلغٍ معيَّن أنَّ ذلك غيرُ جائز؛ لما فيه من الغرر والضَّرر لأحد المتبايعين، ولكن من المأسوف له أنَّ الكثير من الناس لا يهمُّه الحلال من الحرام، وإنَّما الحلال عنده ما حلَّ بيده وقدر عليه.

ثم إنَّ الكثير من المشترِكين في هذا التبايُع يتبايَعون فيما بينهم ويدخُل الشيطان حلقة حراجهم ويُحسِّن لهم الباطل ويُزيِّن لهم الحرام، فيقَع في ذلك البيع النجش والغش والخداع والتحايل على المكاسب الخبيثة، فتجد أحد المشتركين في تلك السِّلَع يزيدُ في الثَّمن أثناء الحراج، وإنْ كان لا يريد شِراءها ليُوهِم غيره ممَّن يريدُ الشراء أنَّها رخيصة، فيزيد ذلك الغريب عليهم في السلعة بما لا تُساوِيه؛ حيث انخدع بذلك الشريك الذي يزيد نجشًا وخداعًا.

والنجش هو الزيادة في ثمن السِّلعة المعروضة للبيع لا من أجل شِرائها بل ليغرَّ بذلك غيرَه، وسُمِّي الناجشُ في السلعة ناجشًا لأنَّه يُثير الرغبة فيها ويرفع ثمنها، وذلك مَكرٌ وخِداع، والله - سبحانه وتعالى - يعلَم هدفَه وقصدَه.

وقد نهى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن النَّجَشِ[1].

كما أنَّ البعض يزيدُ في ثمن السلعة كذبًا ليُوهِم المشتري ويُغرِّر به، وقد يحلف على ذلك تجرُّؤًا على محارم الله، ومكرًا وخِداعًا لعِباد الله، واستهانةً بأكل الحرام، وعدم مبالاةٍ بالوعيد الشديد على ذلك، وفي الحديث عن أبي هريرة - رضِي الله عنه - قال: سمعت رسول الله، - صلَّى الله عليه وسلَّم -، يقول: ((الحلف مَنفَقةٌ للسلعةِ مَمحَقَةٌ للبركة))[2].

ويقول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((البَيِّعانِ بالخِيار ما لم يتفرَّقا، فإنْ كذبا وكتَما مُحِقت بركةُ بيعهما، وإنْ بيَّنا وصدَقَا بُورِكَ لهما))[3].

كما أنَّ البعض يُخفِي عُيوب السلعة، ويظهر أنَّها سليمة لا عيب فيها، إمَّا بقوله أو بفعله، وقد تَوعَّد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - الغاشَّ؛ فقد مرَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - على بائع طعام فأدخَل يده فيه فأصابتْ يده بلَلًا فقال: ((ما هذا يا صاحب الطَّعام؟))، فقال: أصابَتْه السماء - يعني: المطر - فقال: ((أفلا جعلتَه فوق الطَّعام لكي يراه الناس، مَن غشَّ فليس منِّي))[4].

فاحذَرُوا يا عبادَ الله الغشَّ والخداع وأكْل أموال الناس بالباطل، فإنَّ عاقبة ذلك وخيمة؛ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كلُّ لحمٍ نبت من سُحتٍ فالنارُ أولى به))[5].

وذكر الرجل يُطيلُ السَّفرَ أشعتَ أغبر يمدُّ يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعَمه حرامٌ، وملبسه حرام، وغُذيَ بالحرام، فأنَّى يُستَجابُ له[6].

احذَرُوا واعلَموا أنَّه مهما كثُر المال صورةً بالحرام فمَآله للمحْق والخُسران، فالصدقات منه لا تُقبَل؛ إنَّ الله طيب لا يَقبل إلا طيبًا، وما أكل منه صاحبه لم يزدَدْ به إلا قُربًا من النار، كلُّ لحم نبت من الحرام فالنار أولى به، فاقنَعوا بالحلال ففيه غُنية وسلامة، فدرهمٌ من حلال تستعينُ به على طاعة الله لتنال ثواب الله خيرٌ من ألف درهم ممحوق البركة وزادٌ إلى النار، فاحذَرُوا فتنةَ المال ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل؛ يقول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كلُّ المسِلم على المسلم حرامٌ؛ دمُهُ وعِرضُهُ وماله))[7].

فاحذَرُوا الوقوعَ فيما حرَّم الله، واستغنوا بما أحلَّ الله، يُبارك لكم في أعمالكم وأموالكم وتسلَموا في دنياكم وأخراكم.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
قال الله العظيم: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 188].

بارَك الله لي ولكم في القُرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكِيم، وتابَ عليَّ وعليكم إنَّه هو التوَّاب الرحيم.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفِرُوه إنَّه هو الغفور الرحيم.


[1] جزء من حديث أخرجه البخاري رقم (2727) ـ الفتح: 5/324، وأخرجه مسلم رقم (1516).
[2] أخرجه البخاري رقم (2087) ـ الفتح: 4/315، مسلم (1606).
[3] أخرجه البخاري رقم (2110) ـ الفتح: 4/328، مسلم (1532).
[4] أخرجه مسلم (102).
[5] المعجم الكبير للطبراني: 19/136، والمعجم الصغير للطبراني: 1/225، وتفسير القرطبي: 6/183، وتفسيرالطبري: 6/156.
[6] أخرجه مسلم (1015).
[7] أخرجه مسلم (2564).

نماذج مشرقة للسلف في محافظتهم على الصلاة وحبهم لها

د. إبراهيم بن فهد بن إبراهيم الودعان 





هذا إبراهيم بن ميمون المروزي؛ كانت مهنته الصياغة، وطَرْق الذهب والفضة، فكان إذا رفع المطرقة فسمع النداء للصلاة لا يردّها، أي أنه يُوقف عمله ويذهب إلى الصلاة.

ويقول سعيد بن المسيب - التابعي الجليل -: "ما أذّن المؤذن من ثلاثين سنة إلاّ وأنا في المسجد".

وقال وكيع بن الجراح: اختلفت إلى الأعمش (سليمان بن مهران) قريبًا من سنتين؛ ما رأيته يقضي ركعة.

وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا فاتته صلاة العشاء في جماعة، أحيا بقيّة ليلته[1]. وكأنه (رضي الله عنه) يعاقب نفسه بذلك.

وعن ربيعة بن يزيد الإيادي - رحمه الله - أنه قال: "ما أذّن المؤذن لصلاة الظهر منذ أربعين سنة إلاّ وأنا في المسجد، إلاّ أن أكون مريضًا أو مسافرًا.

وكان المزني - رحمه الله - إذا فاتته صلاة الجماعة، صلى تلك الصلاة خمسًا وعشرين مرّة.

ويقول محمد بن سماعة بن عبيد الله التيمي - قاضي بغداد -: "مكثت أربعين سنة لم تفتني التكبيرة الأولى، إلا يوم ماتت أمي، فصليت خمسًا وعشرين صلاة، أريد التضعيف". مع أنه يكفي أن يصليها مرة واحدة، ويعطيه الله عز وجل الأجر المضاعف على نيته، ولكن هكذا بلغ بهم اجتهادهم، وأخذهم على أنفسهم.

وهذا عامر بن عبدالله بن الزبير - وهو من كبار التابعين - سمع المؤذن لصلاة المغرب، وكان في سكرات الموت، فقال لمن حوله: خذوا بيدي إلى المسجد، فقالوا له: إنك عليل، قال: أسمع داعي الله فلا أجيبه؟ فأخذوا بيده، فدخل مع الإمام في الصلاة، فركع ركعة ثم مات رحمه الله[2].

وهذا عدي بن حاتم (رضي الله عنه) يقول: "ما أقيمت الصلاة منذ أسلمت إلاّ وأنا على وضوء" وقال: "ما دخل وقت صلاة حتى أشتاق إليها"[3].

فأسأل الله أن يجعلنا من المسارعين إلى الصلوات في أوقاتها.


[1] سير أعلام النبلاء 3/235 .
[2] سير أعلام النبلاء 3/220 .
[3] المرجع السابق 3/164 .

مراقبة الله عز وجل

الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر 





الحمد لله الذي وَسِعَ كلَّ شَيءٍ عِلمًا، وقهَر كلَّ مخلوقٍ عزَّة وحُكمًا، يعلَمُ ما بين أيديهم وما خلفَهم ولا يُحِيطون به عِلمًا، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحدَه لا شريك له، الملك الكبير اللطيف الخبير، الذي ليس كمِثلِه شيء وهو السميع البصير.

وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله النبي المصطفى، والرسول المُجتَبى، الداعي إلى أكمَلِ الدِّين والهُدَى، صاحب المقام المحمود، واللِّواء المَعقُود، والحوض المورود، صلَّى الله وسلَّم عليه وعلى آله وأصحابه.

أمَّا بعدُ:
فأيُّها الناس، اتَّقوا الله في السرِّ والعلَن، واجتَنِبوا الفواحش ما ظهَر منها وما بطَن، وتذكَّروا أنَّكم لم تُخلَقوا عبثًا ولم تُترَكوا سُدًى؛ بل خُلِقتُم للعبادة، وأُمِرتم بالطاعة، ونُهِيتُم عن المخالفة، وأنَّكم كادِحُون إلى ربِّكم كدحًا فمُلاقوه؛ ﴿ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ﴾ [النجم: 31]، ﴿ فَأَمَّا مَنْ طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 37 - 41].

أيها المسلمون:
صَحَّ في الحديث عن نبيِّكم - صلَّى الله عليه وسلَّم - قولُه: ((الإحسان أنْ تعبُد الله كأنَّك تَراه، فإنْ لم تكن تَراه فإنَّه يَراك)).

ومُقتَضى هذا الحديث أنْ يَسِير العبدُ الناصح لنَفسِه في طريقه إلى ربِّه على هذه الصِّفة، يَعبُد الله كأنَّه يُشاهِده، فإنْ لم يتيسَّر له هذا المقام فليَعبُد الله بمقام المُراقِبين، بحيث يستَشعِر المرءُ أنَّ الله يراقبه؛ فهو معه بعِلمِه وإحاطته أينما كان، يسمَعُ أقواله، ويَرى أعمالَه، ويعلَمُ أحوالَه؛ ﴿ اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ ﴾ [الرعد: 8 - 10].

فاعتِقاد هذا القُرب، واستِحضار تلك المعيَّة يُوجِبان للعبد الخشية والخوف من الله - تعالى - والهيبة والتعظيم والإجلال له - سبحانه - ويَبعَثان على الحياء من الله - تعالى - والخجل من مُقارَفة مَعصِيته، والإخلاص لله في عِبادته وتَحسِينها، وإتمامها وإكمالها؛ طَمَعًا في جَزِيل مَثُوبته.

ولذا أوصى النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بهذا المقام جماعةً من الصحابة - رضِي الله عنهم - قال أبو ذر - رضِي الله عنه -: "أوصانِي خَلِيلي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنْ أخشَى الله كأنِّي أراه، فإنْ لم أكنْ أراه فإنَّه يَرانِي".

وقال ابن عمر - رضي الله عنهما -: أخَذ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ببَعضِ جسدي فقال: ((اعبُدِ الله كأنَّك تَراه)).

وقال رجلٌ للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: حدِّثني بحديثٍ واجعَلْه مُوجَزًا، فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((صَلِّ صلاة مُودِّع؛ فإنَّك إنْ كنتَ لا تَراه، فإنَّه يَراك)).

ووصَّى - صلَّى الله عليه وسلَّم - رجلاً فقال: ((استَحِ من الله استِحياءَك من رجُلَيْن من صالِحِي عَشِيرتك لا يُفارِقانك)).

ويَكفِي في ذلك قولُ الحق - سبحانه -: ﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [يونس: 61].

أيها المسلمون:
فمُراقَبة العبد لربِّه هي دَوام عِلم العَبد وتيقُّنه باطِّلاع الله - تعالى - على سِرِّه وعلانِيَتِه، وأنَّه - سبحانه - ناظِرٌ إليه في شَتَّى حالاته؛ قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

ومتى عقل المرء هذا الأمرَ واستَيْقَنه قلبُه، واستَحضَر موقفَه غَدًا بين يدي ربِّه، كان باعثًا له على الإكثار من الطاعات، ومُجانَبة المُنكَرات وأنواع المُخالَفات، وقُرب التَّوبة من السيِّئات، والاشتِغال بعمارة وَقتِه بأنواع الصالحات؛ خشيةً من الفَوْتِ، وحذَرًا من مُفاجَأة الموت.

وهذا المقام هو الذي منَع يوسفَ نبيَّ الله عن المعصية حينما ابتُلِي ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالمُونَ ﴾ [يوسف: 23]، وهذا المقام هو الذي جعَل الفتاة التي أمرَتْها أمُّها أنْ تغشَّ اللبن قبل بَيعِه للناس أنْ تُراجِع أمها قائلةً: يا أمَّاه، ألاَ تَخافِين من عمر؟ تعني: أمير المؤمنين، فقالت لها أمُّها: إنَّ عمر لا يَرانا، فقالت الفتاة: إنْ كان عمر لا يَرانا فرَبُّ عمر يَرانا.

وكذلك الرجل الذي تمكَّن من المرأة فقالت له: اتَّق الله ولا تفضَّ الخاتم إلا بحقِّه؛ فقام وترَكَها، وترَكَ المال الذي أعطاها لَمَّا ذكَّرته بتقوى الله، فقام وترَكَها خوفًا من الله، وأمثلة ذلك في الناس كثيرة.

معشر المسلمين:
والغَفلة عن هذا المقام هي التي جعَلتْ بعضَ الناس يَنامُون عن صَلاة الفجر مُطمئنِّين غير مُبالِين، وآخَرين يَأكُلون أموالَ الناس مُحتالِين، وفريقًا يَلُوذون عن أنظار المسلمين في البيوت ونحوها، فيُباشِرون فَظِيعَ الإجرام، وينتَهِكون العرض الحرام، فلو كان لهؤلاء قلوبٌ يَقِظةٌ حيَّة تعتَقِد أنَّه لا يحجز بصَر الله حاجزٌ، ولا يردُّ حكمه رادٌّ، ولا يُجِير من عذابه مُجِيرٌ - لما بارَزُوا الله بالعِصيان، وارتكَبُوا أنواع الإثم والعُدوان، ولكن غفَلتِ القُلوبُ، فتَراكَمتِ الذنوب، حتى استَهانُوا بوعيد علاَّم الغُيُوب، والله - تعالى - يقول: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾ [إبراهيم: 42].

ويقول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ الله ليُملِي للظالم حتى إذا أخَذَه لم يُفلِته))، ثم تلا قوله - تعالى -: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود: 102].

فاتَّقوا الله - عبادَ الله - وراقِبُوه في جميع أحوالكم، واتَّقوه وأطِيعُوه مُخلِصين في جميع أعمالكم؛ فإنَّه عليكم رقيبٌ، ومنكم قريب، وأعمالكم عليكم مُحصاة، وغَدًا موفاة. وصَحَّ عن نبيِّكم - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: ((يقول الله - عزَّ وجلَّ -: يا عبادي، إنما هي أعمالكم أُحصِيها لكم ثم أوفيكم إيَّاها، فمَن وجَد خَيْرًا فليَحمَد الله، ومَن وجَد غيرَ ذلك فلا يَلُومنَّ إلاَّ نفسَه)).

أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].

نفعَنِي الله وإيَّاكم بهدى كتابِه، وجعَلَنا من خاصَّة أوليائه وأحبابه.

أقول ما تسمَعُون، وأستغفر الله لي ولكم من كلِّ ذنبٍ، فاستَغفِروه يَغفِر لكم، إنَّه هو الغفور الرحيم.

الأحد، 27 مايو 2012

أول جريمة قتل في الارض !! القصه كامله

ياترى ما هى القصة الكاملة لاول جريمة على وجه الارض ؟؟
وما هى اسباب هذه الجريمة ؟؟؟؟؟؟؟
وما هى النتائج المترتبة على هذه الجريمة ؟؟
ومن كان السبب وراء هذه الجريمة
يروي لنا القرآن الكريم قصة ابنين من أبناء آدم هما هابيل وقابيل. حين وقعت أول جريمة قتل في الأرض. وكانت قصتهما كالتالي.
كانت حواء تلد في البطن الواحد ابنا وبنتا. وفي البطن التالي ابنا وبنتا. فيحل زواج ابن البطن الأول من البطن الثاني..
و
يقال أن
قابيل كان
يريد زوجة
هابيل
لنفسه..
ف
أمرهما آدم أن يقدما قربانا، فقدم كل واحد منهما قربانا، فتقبل الله من
هابيل
ولم يتقبل من
قابيل
. قال تعالى في سورة (المائدة):

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27)لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَإِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ
(28) (المائدة)
لاحظ كيف ينقل إلينا الله تعالى كلمات القتيل الشهيد، ويتجاهل تماما كلمات القاتل. عاد القاتل يرفع يده مهددا.. قال القتيل في هدوء:
إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ (29) (المائدة)
انتهى الحوار بينهما وانصرف الشرير وترك الطيب مؤقتا. بعد أيام.. كان الأخ الطيب نائما وسط غابة مشجرة..


فقام إليه أخوه قابيل فقتله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل". جلس القاتل أمام شقيقه
الملقى على الأرض
. كان هذا الأخ القتيل أول إنسان يموت على الأرض.. ولم يكن دفن الموتى شيئا قد عرف بعد. وحمل الأخ جثة شقيقه وراح يمشي بها..
ثم رأى
القاتل غرابا حيا
بجانب
جثة غراب ميت. وضع الغراب الحي الغراب الميت على الأرض وساوى أجنحته إلى جواره وبدأ يحفر الأرض بمنقاره ووضعه برفق في القبر وعاد يهيل عليه التراب.. بعدها طار في الجو وهو يصرخ.

اندلع حزن قابيل
على أخيه هابيل كالنار فأحرقه الندم.

اكتشف أنه وهو الأسوأ والأضعف، قد قتل الأفضل والأقوى. نقص أبناء آدم واحدا. وكسب الشيطان واحدا من أبناء آدم. واهتز جسد القاتل ببكاء عنيف ثم أنشب أظافره في الأرض وراح يحفر قبر شقيقه.
قال آدم حين عرف القصة:
هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبينٌ
وحزن حزنا شديدا على خسارته في ولديه. مات أحدهما، وكسب الشيطان الثاني. صلى آدم على ابنه، وعاد إلى حياته على الأرض: إنسانا يعمل ويشقى ليصنع خبزه. ونبيا يعظ أبنائه وأحفاده ويحدثهم عن الله ويدعوهم إليه، ويحكي لهم عن إبليس ويحذرهم منه. ويروي لهم قصته هو نفسه معه، ويقص لهم قصته مع ابنه الذي دفعه لقتل شقيقه.

................................

حب الرسول صلى الله عليه وسلم إتباع لا إبتداع - كيف تكون المحبة ؟


حب الرسول إتباع لا إبتدآع
( كيف تكون المحبة إذاً؟! ) 
للشيخ : ( عبد الرحمن السديس)


عباد الله:{ اتقوا الله وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ
مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [البقرة:281].



عباد الله:
رووا قلوبكم وأرواحكم من سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم،
واربطوا أنفسكم وناشئتكم وأسركم بها رباطاً محكماً وثيقاً؛
يسمو عن التخصيص في أوقات، والتذكير في مناسبات
إخوة الإسلام:
يا أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم!
إن محبة المصطفى عليه الصلاة والسلام دين يدين لله به كل مسلم،
بل لا يتم إسلامه إلا بمحبة الحبيب محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام،
وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال:
{لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين } 
غير أن المحبة لا تكون باللسان والادعاء؛
وإنما بالتطبيق والمتابعة وصدق الانتماء 
{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ
لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ } [آل عمران:31-32] 

وحسبك بالزيادة أنها افتيات على الشارع الحكيم، ومخالفة للنبي الكريم،
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد } 
ويقول الإمام مالك رحمه الله:
من أحدث في هذه الأمة شيئاً لم يكن عليه سلفها فقد زعم
أن محمداً صلى الله عليه وسلم خان الرسالة؛
لأن الله عز وجل يقول: 
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً }
[المائدة:3] 




فما لم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً،
ولم يأت آخر هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها.
فاحرصوا -رحمكم الله- على اتباع السنة واقتفاء آثار سلف هذه الأمة،
فإن الخير كل الخير في الوقوف حيث وقف السلف الصالح رحمهم الله،
وإننا لنتساءل أين الساسة والعلماء؟
وأين أهل الفكر والتربية وأصحاب المسئولياتفي بلاد المسلمين
من الاستفادة من منهج النبوة؛ بالإصلاح العام،
وتسخير مناصبهم ومسئولياتهم في القيام بحمل رسالة الإسلام،
وأداء الأمانة والنزاهة، وخدمة البلاد والعباد؟
فالمسئوليات محنة ومنحة وتكليف وتشريف،
والموفق من وفقه الله عز وجل فنصح لله ولعباده ولرسوله ولأئمة
المسلمين وعامتهم، لا سيما والأمة تواجه سيلاً جارفاً وتيارات وافدة
ما جلبت للأمة إلا الشقاء والعناء، إن الموفق من تمسك بالسنن النبوي،
والنهج المحمدي، وصبر على ما أصابه،
والمحروم من انقطع بالنبي صلى الله عليه وسلم سببه،
وخاب سعيه وطلبه، ولو عمل ما عمل مما ليس عليه أثارة
من علم أو أمارة من برهان.



فيا من يريد نجاتة!
السنة السنة!
والاتباع الاتباع!
والحذر من الابتداع!
وإياك أخي المسلممن الاغترار بما عليه كثيرون فالحق ليس بالكثرة،
وإنما بالحجة والبرهان، وإن على حملة السنةأن يوحدوا كلمتهم،
ويجمعوا قلوبهم، ويحذروا من فتح جبهات داخلية،
وتغليب خلافات جانبية؛ فإن التعصب للشعارات والجماعات،
والنعرات الحزبية الضيقة ليس من دين الله في شيء،
والحق ليس حكراً على فرد من الأمة دون آخر، ولا جماعة دون أخرى؛
ما دام أن الكل على المنهج النبوي؛
لا سيما في مجال العقيدة والاتباع، والخطأ وارد والنصح مشروع،
والأذى بين الإخوة ممنوع،
والمجاهرة بالردود والانشغال بها بين أصحاب المنهج الواحد يتيح الفرصة
للأعداء لإحكام الوقيعة بين الأحبة.
ألا ما أحوج حملة السنة اليوم إلى تنسيق جهودهم،
والتلاحم مع ولاتهم وعلمائهم؛ لدرء الأخطار المحدقة بهم.
فيا أمة الإسلام:
ويا حملة السنة!
ويا أحباب المصطفى صلى الله عليه وسلم!
أما آن لنا أن نتنبه لأعدائنا الذين يهددوننا في ديننا ودنيانا وأخرانا؟
أما آن لنا أن نتخلى عن المعارك الوهمية، والخلافات الجانبية،
والردود الكلامية، ونفرغ طاقاتنا، ونركز جهودنا،
ونتلاحم مع ولاتنا وعلمائنا في السير جميعاً في طريق
الخير والرشاد، والحكمة والسداد؟
ألا واعلموا عباد الله أن من أعظم ما تقربتم لنبيكم وأعربتم به
عن محبة نبيكم صلى الله عليه وسلم هو كثرة الصلاة والسلام عليه.
فصلوا وسلموا -رحمكم الله- على المصطفى المختار الخيار من خيار
من خيار كما أمركم بذلك العزيز الغفار؛
فقال عز من قائل: 
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }
[الأحزاب:56] 


اللهم صلَّ وسلم وبارك على نبينا محمد بن عبد الله،
وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة والتابعين،
ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

لتحكم بين الناس بما أراك الله

معنى قوله تعالى : لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ

للشيخ عبد العزيز بن باز

س : قال الله تعالى : (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ) هل معنى هذا أن الله أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يحكم بكتاب الله ولا يجتهد رأيه فيما لم ينزل عليه كتاب ؟ وهل اجتهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

ج : الله جل وعلا أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يحكم بين الناس بما أنزل الله عليه ، قال سبحانه : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ) فكان يحكم بما أنزل الله، فإذا لم يكن هناك نص عنده اجتهد عليه الصلاة والسلام وحكم بما عنده من الأدلة الشرعية كما قال في الحديث الصحيح : "إنكم تختصمون إلي فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فمن قضيت له بحق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار فليحملها أو يذرها" متفق على صحته من حديث أم سلمة رضي الله عنها ، ومعنى هذا أنه قد يجتهد في الحكم حسب القواعد الشرعية . لأنه لم ينزل عليه فيه شيء ، فمن عرف أن الحكم ليس بمطابق وأن الشهود زور فقد أخذ قطعة من النار ، فليحذر ذلك وليتق الله في نفسه ، ولو كان الرسول هو الحاكم عليه .

لأن الحاكم ليس له إلا الظاهر من ثقة الشهود وعدالتهم ، أو يمين المدعى عليه ، فذا كان المدعي أحضر شهودا يعلم أنهم قد غلطوا ولو كانوا تقاة وأن الحق ليس له ، أو يعلم أنهم شهود زور ولكن القاضي اعتبرهم عدولا ؛ لأنهم عدلوا عنده وزكوا لديه ، فان هذا المال الذي يحكم به له أو القصاص كله باطل بالنسبة إليه لعلمه ببطلانه ، وهو قد تعدى حدود الله وظلم ، وإن حكم له القاضي . لأن القاضي ليس له إلا الظاهر ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : "فمن قطعت له من حق أخيه شيئا فإنما أقطع له قطعة من النار" والنبي صلى الله عليه وسلم يحكم بما أنزل الله فيما أوصاه الله إليه ، وما لم يكن فيه نص اجتهد فيه عليه الصلاة والسلام حتى تتأسى به الأمة ، وهو في ذلك كله يعتبر حاكما بما أنزل الله لكونه حكم بالقواعد الشرعية التي أمر الله أن يحكم بها ، ولهذا قال للزبير بن العوام رضي الله عنه لما ادعى على شخص في أرض : "شاهداك أو يمينه فقال الزبير إذا يحلف يا رسول الله ولا يبالي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ليس لك إلا ذلك" متفق عليه .

"ولما بعث معاذا وفدا إلى اليمن قال له إن عرض لك قضاء فبم تحكم ؟ قال أحكم بكتاب الله قال فإن لم تجد قال فسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فإن لم تجد قال أجتهد رأي ولا آلو فضربه صلى الله عليه وسلم في صدره وقال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله" رواه الإمام أحمد وجماعة بإسناد حسن .

التوحيد بين الواحد والاحد


التوحيد كلمة طيبة شائعة يرددها الناس كثيرا ربما دون انيتوقفوا عندها بحثا عن معاناها ان التوحيد ليس معانه ان تجعل الله واحدا فهو سبحانه وتعالى واحد شئنا ام ابينا وعندما تسال العلماء عن التوحيد فانهم يفرطونم فى الشرح والوصف والتعقيد .

يقولون : ان التوحيد هو معرفة وحدانية الله الثابته له فى الازل والابد فلا يحر فى شهوده سواء جل جلاله ويقولون ان اركان التوحيد سبعة افراد القدم عن الحدث وتنزيه القديم عن ادراك المحدث له وترك التساوى بين النعوت وازالهة اعلة عن الربوبية وجلال الحق عن ان تجرى له قدرة الحدث عليه فتلونه وتنزيهه عن التمييز والتامل وتبرئته عن القياس .

ويستعرض الدكتور عبد المنعم الحنفى فى " الموسوعة الصوفية " اقوال مشاهير السلف عن التوحيد فينقل عن الحلاج قوله ان اول قدم بكسر القاف وفتح الدال فى التوحيد فناء التفريد لان القدم فى التوحيد هو انكار شريك لله وفناء التفريد الا تكون الفرادانية الا له وينقل عن سهل بن عبد الله ان اصول التوحيد ان توصف ذات الله بالعلم دون ان تدركها احاطة ولا تراها الابصار فى دار الدنيا ولكنها موجودة بحقائق الايمان من غير حد ولا احاطة ولا حلول وترى العيون ذاته تعالى ظاهرا فى ملكة وقدرته وقد حجب الخلق عن معرفة كنه ذاته ولكنه دلهم عليه باياته والقلوب تعرف اله تعالى والعقول لا تركه والمؤمنون ينظرون اليه من غير احاطة ولا ادراك نهاية" .

يقول سيدناابو بكر الصديق " سبحان من لم يجعل لخلقة سبيلا الى معرفته الا بالعجز عن معرفته وهو ما يعنى ان التوحيد هو حكم الله فى قلوب عباده وهو سر يكاشفه لمن اختصه منهم لكن لا يمكن التعبير عنه بالكلام وهو ادق منان يشار اليه باكمل العبارات .

ويقولون : ان للتوحيد مراتب : علم وعين وحق وعلمه ما ظهر بالبرهان وعينه ما ثبت للوجدان وحقه ما اختص بالرحمن وارائك التوحيد هى الاسماء الذاتية لكونها مظاهر الذات اولا فى الحرة الواحدية وتوحيد اهل الحقائق على الظاهرة : هو الاقرار بالواحدانية بذهاب رؤية الاسباب والاشباه باقامة الامر والنهى وتوحيد العامة معناه توحيد الاقرار باللسان والتحقق بالقلب بما يقر به اللسان باثبات ما اثبته الله لنفسه من الاسماء والصفات والافعال ونفى ما نفى الله عن نفسه والتوحيد الرحمانى هو ان يشهد سبحانه على توحيد نفسه باظهار الوجود اذ كل موجود مختص بخاصية لا يشاركه فيها غيره والا لما تعين وهذه الوحدة فيها دليل على وحدانية موجوده كما قيل ففى كل شىء له ايه تدل على انه واحد ".

ان هناك ملايين الصفحات التى كتبت عن التوحيد ولا نريد ان ندخل فى مزيد من التشعيات والتعثيدات فيها ولكن كعادتنا فى تبسيط التعريف نقول ان التوحيد هو تنزيه الواحد عن التعدد ان الله سبحانه وتعالى منزه ولكن المقصود بالتنزيه فى عقيدتنا تنظيف مفاهيم القلب عن الله سبحانه وتعالى فالله سبحانه واحد وهو سبحانه احد وله الاسمان الواحد والاحد وهما ليسا بمعنى واحد والالما لزم التكرار فلا بد انهناك مفهوما للواحد ومفهوما للاحد .

ام الاحد هو الواحد الذى لا يعد ولا يعدد اى المنفرد بصفاته فلا يشابهه غيره فى اى منها كالفرد احدنا بخصوصية بصمات الاصابع وبصمة الصوت ان كل شىء ينفرد به مخلوق لا يتشابه مع غيره يسمى احاديته فاذا طلبنا من انسان ان يعد البصمات المتشابهه بينه وبين غيره فانه لن يسطيع ان يتعدى الواحد الاول هذا هو الواحدالذى لا يعد هذا هو الاحد وبالتالى فانه سبحانه وتعالى احد منفرد بمقتضيات الالوهية الى لا تنبغى لغيره فليس لغيره السبق ولا الاطلاق ولا السرمدية ولا الذاتيه .

وبما ان الله سبحانه وتعالى انفرد بمقيات الالوهية فهو الاله الاحد اى الاحد وهو سر قولنا لا اله الا الله اى لا احد غيره يمتلك مقتضيات الالوهية بعضا او كلا اماالواحد فهو الذى يعد ولا يتعدد بخلاف الاحد الذى لا يعد ولا يتعدد والعدد يقتضى التجانس ولو كان الكلام عن الذات لقلنا احدا متمتعا بمقضيات الالوهية لا اله غيره .

ولو نجا الانسان من احال التوحيد راجعها فيما سبق لسلك طريقا يستطيع به ان يوحد دون ان يستطيع به ان يوحد دون ان يلحد يميز بين الاحد والواحد فمن جعل الاحد واحدا فقد عدد الذوات الالهية حاشا لله ولو قيدت الواحد تكون قد عطلت الاسماء الالهية وهذا هو الالحاد يقول سبحانه وتعالى " وذروا الذين يلحدون فى اسمائه وهكذا يكون التعريف السهل والمحكم للتوحيد هو " تنزيه الاحد عن العدد وتنزيه الواحد عن التعدد "

ولا حول ولا قوة الا بالله .

خلق العرش والقلم الأعلى واللوح المحفوظ


بسم الله الرحمن الرحيم



العرش:

قال الله تعالى {وهوَ ربُّ العرشِ العظيم} (سورة التوبة/129) 
وهو سرير له أربع قوائم ومكانه فوق السموات السبع وهو سقف الجنة منفصل عنها ويدل على ذلك ما رواه البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسطها وسقفه عرش الرحمن". ثم إن حول العرش ملائكة لا يعلم عددهم إلا الله سبحانه وتعالى، وهو أكبر مخلوقات الله حجمًا ومساحة وامتدادًا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما السموات السبعُ معَ الكرسي إلا كحلقة ملقاةٍ بأرضٍ فلاة، وفضل العرشعلى الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة" رواه ابن حبان وغيره. والعرش يحمله أربعة من أعظم الملائكة ويوم القيامة يكونون ثمانية قال الله تعالى: {ويحمِل عرشَ ربّك فوقهم يومئذ ثمانية} (سورة الحاقة/17)، وقد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم أحدَ حملة العرش بأن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام بخفقان الطير المسرع رواه أبو داود.


الحكمة من خلق العرش:

يستحيل عقلاً أن يكون العرش مقعدًا لله فكيف يكون الرب الذي هو خالق للعرش وغيره محمولاً على سرير يحمله الملائكة على أكتافهم، ولا يصح تفسير قول الله تعالى {الرحمن على العرش استوى} (سورة طه/5) بجلس لأن الجلوس من صفات البشر والجن والملائكة والدواب بل معنى قول الله تعالى {استوى} قهر لأن القهر صفة كمال لائق بالله تعالى لذلك وصف الله نفسه فقال: {وهو الواحد القهار} فهذاالعرش العظيم خلقه الله إظهارًا لعظيم قدرته ولم يتخذه مكانًا لذاته، لأن المكان من صفات الخلق والله سبحانه تنزه عن المكان والزمان، قال الإمام الطحاوي رضي الله عنه :"لا تحويه (أي الله) الجهاتُ الستّ كسائر المبتدعات"، وقال سيدنا عليّ رضي الله عنه: "إن الله خلق العرش إظهارًا لقدرتهِ ولم يتخذه مكانًا لذاته"، رواه عنه الإمام أبو منصور البغدادي. فالملائكة الكرام الحافون حول العرش والذين لا يعلم عددهم إلا الله يسبحون الله تعالى ويقدسونه ويزدادون علمًا بكمال قدرة الله سبحانه وتعالى عندما يرون هذا العرش العظيم.


القلم الأعلى واللوح المحفوظ:

خلق الله تعالى القلم الأعلى بعد خلق الماء والعرش وهو ثالث المخلوقات، وهو جِرم عظيم جدًّا على شكل نور، ثم خلق الله تعالى بعد القلم الأعلى اللوحالمحفوظ وهو رابع المخلوقات، قال بعض العلماء إنه فوق العرش، وقال بعضهم إنه تحت العرش. وجرمه عظيم جدًّا مقداره ومساحته مسيرة خمسمائة عام، طوله ما بين السماء والأرض وعرضه ما بين المشرق والمغرب. وقد أمر الله القلم أن يجري على اللوح المحفوظ فجرى بقدرة الله ومن غير أن يمسّهُ أحد من الخلق وسطر في اللوح المحفوظ كل ما سيكون في العالم حتى نهاية الدنيا، وهذا معنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه الإمام أحمد والترمذيّ عن عُبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أوَّلُ ما خلق الله القلم ثم قال اكتب فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة".

والدليل من القرءان الكريم على أن كل شىء كائن في هذا العالم حتى يوم القيامة مسجل في اللوح المحفوظ هو قوله تعالى: {وكلُّ شىء أحصيناه في إمامٍ مبين} (سورة يس/12)، ومن الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: "كتبَ اللهُ مقاديرَ الخلائقِ قبل أن يخلقَ السمواتِ والأرضَ بخمسين ألف سنة وكان عرشُه على الماء" رواه مسلم.


{قال تعالى {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}

اللهم انا مشتاقون للفردوس فبلغنا الفردوس 
اللهم أقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا و بين معاصيك و من طاعتك ما تبلغنا به جنتك و من اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا و متعنا الله بأسماعنا و أبصارنا و قواتنا أبداً ما احييتنا و أجعله الوارث منا و اجعل ثأرنا على من ظلمنا و أنصرنا على من عادانا و لا تجعل مصيبتنا فى ديننا و لا تجعل الدنيا أكبر همنا و لامبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا