الاثنين، 27 فبراير 2012

وقفات مع هدهد سليمان عليه السلام

إن الله عز وجل خلق الخلق، وجعل لكل صنف منهم حاجة عند الآخر، فالفقير محتاج للغني، والغني يحتاج للفقير، والخلق يحتاج بعضهم إلى بعض.

رأى الإمام أحمد رجل يدعوا الله "اللهم لا تحجني إلا إليك " قال الإمام أحمد: دعا على نفسه بالموت، ولذلك لا يحتقر شيء من مخلوقات الله لا لصغر جسمه ولا لضعفه، فله منافعه في هذه الدنيا.

ومن هذا المنطلق أحببت أن أبحث وأستقصي عن خلق من مخلوقات الله ألا وهو الطير ومن أسباب تقديم الطير على جميع الحيوانات الأسباب التالية:

1) إن أكثر الطيور غذائها الحشرات التي يتأذى منها بنو آدم، فلوا انقرضت الطيور لانتشرت هذه الحشرات ولأدي ذلك إلى أذيتنا.

2) أن لحمه طعام للإنسان في الدنيا والآخرة، كما ذكر الله سبحانه وتعالى.

3) أنها تبعث للإنسان الراحة كلما رآها بألوانها الباهرة.

4) أنه كان يستخدم في نقل الرسائل في الماضي قبل وسائل النقل الحديثة.

ومن العجيب أن الاختراعات الحديثة تحاكي ما هو موجود في الطبيعة، ومن هذه الاختراعات اختراعهم لطائرات فهم يحاكون خلقة الطير في رأسه وأجنحته وكيف يطير وكيف يهبط،

وصدق الشاعر عندما قال:
لله في الحركات ينتهى عجبـي * ومن عجائبه جـرى الجمـادات
سبحان من جعل الطيار من جمد * كهيئة الطير يسمـو للسمـاوات
ينهضُ ينْقَضُ كالبازى على عجل * وكـم يواصِـلُ رنـاتٍ بأنـات
يحكى الطُّيورَ جئاجئا واجنحـة *والرعْد يحكيه في ترديد أصوات
لله ما فيه من هولٍ ومن عَجَـبٍ *ومن شيـات وءايـات وءالات

والطيور أمم وجماعات وأنواع منها المهاجر ومنها المستقر ومنها الجارح ومنها غير الجارح، والطير يطلق على ما يطير في السماء.

وأول ما أبداء من أصناف الطيور هو (الهدهد).

وقد ورد ذكر الهدهد في القرآن في موضع واحد قال تعالى: {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ}... (النمل : 20).

الهدهد: طائر مشهور بقنزعته المنتصبة، ذات اللون البندقي المحمر، والمنتهي ريشاتها بالسواد وبمنقاره المقوس، ريش الرأس والرقبة بندقي محمر، والرداء يميل إلى البني. الظهر والكتف والجناحان مقلمة بمناطق سوداء وعسليّة عريضة، العجز أبيض، والذنب أسود يقطعه من الوسط شريط أبيض عريض.

طوله 25-26 سنتم، وبسطته 44-47 سنتم، ووزنه 51-80 جراماً، منقاره طويل معقوف إلى الأدنى، يقتات الخنافس، والديدان، والعناكب، والحشرات.

تضع الأنثى 4-8 بيضات تحضنها 15-19 يوماً، وتترك الفراخ العش بعد 22-28 يوماً من التفريخ. ويعتبر الهدهد من الطيور جزيلة النفع الواجب حمايتها.

أسماؤه: الهدهد، الهُداهد، النّباح، أبو الأخبار، أبو سجاد، أبو ثمامة.

صوته: الهَدهَدة، العَندَلة، القَرقَرة، النُباح.

ولنستمع لابن عباس وهو يحدث عن الهدهد

حدث يوما عبد الله بن عباس وفي القوم رجل من الخوارج يقال له نافع ابن الأزرق وكان كثير الاعتراض على ابن عباس فقال له قف يا ابن عباس غلبت اليوم قال ولم، قال إنك تخبر عن الهدهد أنه يرى الماء في تخوم الأرض وإن الصبي ليضع له الحبة في الفخ ويحثو على الفخ ترابا فيجئ الهدهد ليأخذها فيقع في الفخ فيصيده الصبي فقال ابن عباس لولا أن يذهب هذا فيقول دررت على ابن عباس لما أجبته ثم قال له ويحك إنه إذا نزل القدر عمى البصر وذهب الحذر فقال له نافع والله لا أجادلك في شيء من القرآن أبداً.

ومن الفوائد التي يستاقها المؤمن من قصة سليمان عليه السلام والهدهد ما يلي:
أ‌) إنكار الهدهد لمّا رأى أمرآه تقود رجال، وهذه من الأمور التي جعلها الله فطرة في الإنس والجن والهوام، أن الرجل هو الذي يقود النساء. وفيها أيضاً حسن التدرج في الإبلاغ فقد أبلغ الهدهد سليمان من الأصغر إلى الأكبر من قيادة المرآة لرجال إلى الشرك بالله وهذا فيه حسن أدب وفطنة.

ب‌) عندما رأى الهدهد قوم سبأ يشركون بالله ذهب مباشرة إلى سليمان داعياً إلى الله، واليوم يرى العالم أقوام يعبدون البقر ولا يتحرك ساكناً.

ت‌) نقل الهدهد الصورة كما كانت ولم يحكم عليهم، بل ترك الحكم لسليمان عليه السلام.

ث‌) ولما أرسله سليمان إلى قوم بلقيس لم يحرف ولم يبدل بل أدى الرسالة كما كانت.

ج‌) ولنتأمل أنهم أشركوا بالله وسجدوا لشمس ومع ذلك لم يشتمهم ولم يقبحهم، لأن السب ليس من صفات الداعية المسلم، فهوا هدفه الأول أن يقيم التوحيد.

ح‌) واستخدم الهدهد في هذه الآية القاعدة الفقهية المشهورة "إذا تزاحمت المصالح يقدم الأعلى من المصالح " فقدم الدعوة إلى الله على الحضور عند سليمان.

خ‌) وفي الآيات دليل على أن الذي يعلم حجة على الذي لا يعلم.

د‌) وفي الآيات دليل على سموا أخلاق نبي الله سليمان عليه السلام، في تواضعه في قبول خبر الهدهد وحسن ظنه عندما قال {سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ}.... (النمل : 27).

ذ‌) قال القرطبي: فيه دلالة على أن الأنبياء لا يعلمون الغيب.

ر‌) قال ابن العربي: وفي الآيات دليل على أن الحد على قدر الذنب لا على قدر الجسد.

ز‌) كتاب سليمان لبلقيس قال: {إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}... (النمل : 30)، {أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ}... (النمل : 31). مع كونه ملك لم يذكر مدحاً له قبل الاسم أو بعد الاسم، بل ذكر اسمه فقط وهذا من كمال تواضعه، وكمال بلاغته.

س) ذكر الهدهد {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ}... (النمل : 25)، فيه أن الهدهد أعظم ما يعلم هذا الأمر فلذلك لا يرى أعظم منه في نظره.

ش) لم يعاقبه لأنه اعتذر له ولا أحد أحب إليه العذر من الله ولذلك بعث النبيين مبشرين ومنذرين.

ص) قال العلماء فعل سليمان يدل على تفقده أحوال الرعية والمحافظة عليهم فانظروا إلى الهدهد وإلى صغره فإنه لم يغب عنه حاله فكيف بعظائم الملك.

وصلى الله وسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين

أذكار الصباح والمساء

أذكـار الصبـاح
- أصبحنا وأصبح الملك لله..لا شريك له..لا إله إلا هو وإليه النشور.

- اللهم ما أصبح بى من نعمه أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر.

- أصبحنا على فطره الإسلام وكلمه الإخلاص وعلى دين نبيننا محمد صلى الله عليه وسلم.. وعلى مله إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين.

- اللهم إنى أصبحت منك فى نعمه وعافيه وستر.. فأتمم نعمتك على وعافيتك وسترك فى الدنيا والأخره.

- يا رب لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا.

- سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنه عرشه، ومداد كلمته. (ثلاث مرات)

- بسم الله الذى لا يضر معه إسمه شيئ فى الأرض ولا فى السماء وهو السميع العليم. (ثلاث مرات)

- اللهم إنا نعوذ أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه.

- أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق. (ثلاث مرات)

اللهم إنى أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبه الدين وقهر الرجال.

- اللهم عافنى فى بدنى، اللهم عافنى فى سمعى، اللهم عافنى فى بصرى لا إله إلا أنت اللهم إنى أعوذ بك من الكفر والفقر، وأعوذ بك من عذاب القبر، لا إله إلا أنت. (ثلاث مرات)

سيد الإستغفار:
- اللهم أنت ربى لا إله إلا أنت، خلقتنى وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما إستطعت.. أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك على، وأبوء بذنبى، فإغفر لى فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.

- سبحان الله و بحمده. (مائه مره)

- لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، يحيى ويميت وهو على كل شيئ قدير. (عشر مرات)

أذكـار المسـاء:
- أمسينا وأمسى الملك لله.. وإليه المصير اللهم ما أمسى بى من نعمه أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر.

- أمسينا على فطره الإسلام وكلمه الإخلاص وعلى دين نبيننا محمد صلى الله عليه وسلم.. وعلى مله ابينا إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين.

- اللهم إنى أمسيت منك فى نعمه وعافيه وستر.. فأتمم نعمتك على وعافيتك وسترك فى الدنيا والأخره.

- يارب لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك.

- رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا.

- سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنه عرشه، ومداد كلمته. (ثلاث مرات)

- بسم الله الذى لا يضر معه إسمه شيئ فى الأرض ولا فى السماء وهو السميع العليم. (ثلاث مرات)

- اللهم إنا نعوذ أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه.

- أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق. (ثلاث مرات)

- اللهم إنى أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبه الدين وقهر الرجال.

- اللهم عافنى فى بدنى، اللهم عافنى فى سمعى، اللهم عافنى فى بصرى لا إله إلا أنت اللهم إنى أعوذ بك من الكفر والفقر، وأعوذ بك من عذاب القبر، لا إله إلا أنت. (ثلاث مرات)

- اللهم أنت ربى لا إله إلا أنت، خلقتنى وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما إستطعت.. أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك على، وأبوء بذنبى، فإغفر لى فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.

- سبحان الله و بحمده. (مائه مره)

- لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيئ قدير. (عشر مرات)

سيد الإستغفار:
اللهم انت ربي لا اله الا انت خلقتني وأنا عبدك وانا على عهدك ووعدك ماستطعت اعوذ بك من شر ماصنعت وابوء لك بنعمتك علي فاغفر لي فانه لا يغفر الذنوب الا انت.

العقل نعمة إلهية والتفكير فريضة إسلامية


في البداية علينا أن نفرق بين المخ والعقل، المخ عضو بدني يوجد في الكائنات الحية بدءا من طائفة الحشرات إلى طائفة الثدييات والإنسان، وهو في كل هذه الطوائف تركيب خلوي مادي يتكون من العقد والخلايا العصبية في تباين واضح بين الأجناس الحية.

أما العقل فهو ملكة الإدراك والتفكير والإبداع وقد اختلف العلماء في ماهيته ومكانه اختلافاً لا يتسع المقام للخوض فيه.

ويعتبر التفكير والإبداع أعلى مراتب الإدراك للعقل وقد ميز الله سبحانه وتعالى الإنسان بالعقل المدرك والمميز والواعي والمبدع والمفكر والخلاق، والمخ نعمة إلهية أنعم الله سبحانه وتعالى بها على الكائنات الحية، والتفكير نعمة أنعم الله بها على كثير من بني البشر وسلبها من بعضهم.

وقد جعل الله سبحانه وتعالى العقل مناط التكليف، فمن فقد عقله بالنوم أو المرض أو الإغماء أو بالصغر سقط عنه التكليف ورفع عنه القلم.

وقد حشد القرآن الكريم عشرات الآيات القرآنية الداعية إلى استعمال العقل والتفكر والتدبر في آيات الله الكونية، وآيات الله القرآنية، وعلم الله سبحانه وتعالى أن للعقل البشري حدودا لا يستطيع أن يتخطاها ، لذلك أرسل إليه الأنبياء والرسل لإخباره بما يعجز عقله البشري وحواسه البدنية، وتعجز كل المخترعات عن الوصول إليها، فأرسل إليه الأنبياء والرسل لتخبره بها ، فأعلمه بالجنة، والنار، والملائكة، وصفات الله وأسمائه والبعث والحساب ونعيم القبر وعذابه.

وجعل الله سبحانه وتعالى التفكير فريضة إسلامية فقال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ}... (آل عمران : 190).

وأولو الألباب هم العقلاء حقا فهم كما قال تعالى: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}... (آل عمران : 191) تفكر علم وبحث ودراية واستكشاف وتقص، فيكون الاستنتاج العام لبحثهم وتفكرهم قولهم: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ}... (آل عمران : 191).

وجاءت هذه النتيجة لما توصلوا إليه من إحكام في الخلق وإعجاز وإبداع ويقين، فيطلبون من الله تعالى بعد ذلك قائلين {فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}... (آل عمران : 191) طلب يقين أن الجنة حق ، والبعث حق ، والحساب حق ، والميزان حق.

وعندما نزل قول الله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}... (البقرة : 164)، عندما نزلت هذه الآية حذرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم من عدم التفكر فيها، فويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها تفكر الباحث العالم الذي يصل إلى أهمية اختلاف الليل والنهار لاستمرار الحياة على الأرض، وإزهار النبات، وتكاثر الحيوان ونموه، ويبحث عن كيف يحيي الله الأرض بالماء فتنتشر فيها الكائنات الحية الفطرية والبكتيرية والفيروسية والحيوانية والنباتية، ويدرس التنوع الحيوي للكائنات الحية في الأرض وما بث الله فيها من كل دابة ، وسخر الرياح لتلقيح النبات ولحمل الطير و السحاب والمطر في دورة المياه ورفعه وإنزاله، كلها ظواهر كونية من لم يتفكر فيها غضب الله عليه لتعطيل نعمة التفكير والكفران بها، فالتفكير فيها فريضة إسلامية، وقد أدرك الأستاذ محمود عباس العقاد رحمه الله هذه الحقيقة الإسلامية فأعد بحثه التفكير فريضة إسلامية وقدمه للمؤتمر الإسلامي في ستينيات القرن العشرين الميلادي.

ونشر في كتاب بواسطة دار العلم بالقاهرة قال فيه: (القرآن لا يذكر العقل إلا في مقام التعظيم والتنبيه إلى وجوب العمل به والرجوع إليه، ولا تأتي الإشارة إليه عارضة في سياق الآية، بل هي تأتي في كل موضع من مواضعها مؤكدة جازمة باللفظ والدلالة وتتكرر في كل معرض من معارض الأمر والنهي التي يحث فيها المؤمن على تحكيم عقله أو يلام فيها المنكر على إهمال عقله وقبول الحجر عليه، ولا يأتي تكرار الإشارة إلى العقل بمعنى واحد من معانيه التي يشرحها النفسانيون من أصحاب العلوم الحديثة، بل هي تشمل وظائف الإنسان العقلية على اختلاف أعمالها وخصائصها وتتعمد التفرقة بين هذه الوظائف والخصائص في مواطن الخطاب ومناسباته، فلا ينحصر خطاب العقل في العقل الوازع ولا في العقل المدرك ولا في العقل الذي يناط به التأمل الصادق والحكم الصحيح، بل يعم الخطاب في الآيات القرآنية كل ما يتسع له الذهن الإنساني من خاصة أو وظيفة).

ثم قال العقاد رحمه الله: (فالعقل في مدلول لفظه العام ملكة يناط بها الوازع الأخلاقي أو المنع عن المحظور والمنكر، ومن هنا كان اشتقاقه من مادة [عقل] التي يؤخذ منها العقال).

ثم قال العقاد رحمه الله: (وفريضة التفكير في القرآن الكريم تشمل العقل الإنساني بكل ما احتواه من هذه الوظائف بجميع خصائصها ومدلولاتها فهو يخاطب العقل الوازع والعقل المدرك والعقل الحكيم والعقل الرشيد، ولا يذكر العقل عرضا مقتضبا بل يذكره مقصودا مفصلا على نحو لا نظير له في كتاب من كتب الأديان).

ثم قال رحمه الله: (وقد بدأ الإسلام التحذير الشامل من هذا الفساد [فساد الكهان والرهبان ورجال الدين] فأسقط الكهانة، وأبطل سلطان رجال الدين على الضمائر ونفى عنهم القدرة على التحريم والتحليل والإدانة والغفران).

ثم نبه رحمه الله إلى سيئاتهم وعاقبة من استسلموا لخديعتهم وكثير منهم خادعون {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}... (التوبة : 31).

وقال رحمه الله: (وصفوة القول أن الإسلام لا يعذر العقل الذي ينزل عن حق الإنسان رهبة للقوة أو استسلاما للخديعة، ولا حدود لذلك إلا حدود الطاقة البشرية ولكنها الطاقة البشرية عامة كما تقوم بها الأمم ولا ينتهي أمرها بما يكون للفرد من طاقة لا تتعداه).

وقد علم فقهاء المسلمين أهمية العقل والتفكير فعقد الإمام أبو حنيفة رحمه الله جلسات للعصف الذهني مع طلابه لإقداح الذهن للتفكير والإبداع وإنشاء الحلول الأصيلة.

وألف الإمام ابن تيمية رحمه الله كتاب (صريح المعقول وصحيح المنقول) أو (درء تناقض العقل و الشرع) ويكفي الإسلام احتراما للعقل أن يسقط التكليف عن الإنسان بذهاب عقله وغيابه وتعطيله بالنوم وغيره.

فإذا المتشدقين بالعقلانية، واتهام الإسلام بالتناقض مع العقل لو درسوا الإسلام و آيات التفكير والعقل في القرآن الكريم لتعلموا أنه لا تعارض بين صريح المعقول وصحيح المنقول، وأن التفكير فريضة إسلامية كما ورد في الآيات القرآنية.

أبوعبيدة بن الجراح.. أحد المبشرين بالجنة

أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح الفهري... يلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في أحد أجداده (فهر بن مالك)... وأمه من بنات عم أبيه... أسلمت وقتل أبوه كافرا يوم بدر.

كان رضي الله عنه طويل القامة، نحيف الجسم، خفيف اللحية... أسلم على يد أبي بكر الصديق في الأيام الأولى للإسلام، وهاجر إلى الحبشة في الهجرة الثانية ثم عاد ليشهد مع الرسول صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها.

غزوة بدر
في غزوة بدر جعل أبو (أبو عبيدة) يتصدّى لأبي عبيدة، فجعل أبو عبيدة يحيد عنه، فلمّا أكثر قصدَه فقتله، فأنزل الله هذه الآية.

قال تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ}.

غزوة أحد

يقول أبو بكر الصديق رضي الله عنه: (لما كان يوم أحد، ورمي الرسول صلى الله عليه وسلم حتى دخلت في وجنته حلقتان من المغفر، أقبلت أسعى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنسان قد أقبل من قبل المشرق يطير طيرانا، فقلت: اللهم اجعله طاعة، حتى إذا توافينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا هو أبو عبيدة بن الجراح قد سبقني، فقال: (أسألك بالله يا أبا بكر أن تتركني فأنزعها من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم)... فتركته، فأخذ أبو عبيدة بثنيته إحدى حلقتي المغفر، فنزعها وسقط على الأرض وسقطت ثنيته معه، ثم أخذ الحلقة الأخرى بثنيته الأخرى فسقطت، فكان أبو عبيدة في الناس أثرم).

غزوة الخبط

أرسل النبي صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح أميرا على ثلاثمائة وبضعة عشرة مقاتلا، وليس معهم من الزاد سوى جراب تمر، والسفر بعيد، فاستقبل أبو عبيدة واجبه بغبطة وتفاني، وراح يقطع الأرض مع جنوده وزاد كل واحد منهم حفنة تمر، وعندما قل التمر أصبح زادهم تمرة واحدة في اليوم، وعندما فرغ التمر راحوا يتصيدون (الخبط) أي ورق الشجر فيسحقونه ويسفونه ويشربون عليه الماء، غير مبالين إلا بانجاز المهمة، لهذا سميت هذه الغزوة بغزوة الخبط.

مكانته...أمين الأمة

قدم أهل نجران على النبيصلى الله عليه وسلم وطلبوا منه ان يرسل اليهم واحدا... فقال عليه الصلاة والسلام: (لأبعثن يعني عليكم أمينا حق امين) ... فتشوف أصحابه رضوان الله عليهم يريدون أن يبعثوا لا لأنهم يحبون الامارة أو يطمعون فيها... ولكن لينطبق عليهم وصف النبي صلى الله عليه و سلم (أمينا حق امين) وكان عمر نفسهرضي الله عليهمن الذين حرصوا على الامارة لهذا آنذاك... بل صار كما قال يتراءى أي يري نفسه للنبي صلى الله عليه وسلم حرصا منه رضي الله عنه أن يكون أمينا حق أمين... ولكن النبي صلى الله عليه وسلم تجاوز جميع الصحابة وقال: (قم يا أباعبيدة).

كما كان لأبي عبيدة مكانة عالية عند عمر فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يجود بأنفاسه: (لو كان أبوعبيدة بن الجراح حيا لاستخلفته فان سألني ربي عنه، قلت: استخلفت أمين الله، وأمين رسوله)...

معركة اليرموك

في أثناء قيادة خالد رضي الله عنه معركة اليرموك التي هزمت فيها الإمبراطورية الرومانية توفي أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وتولى الخلافة بعده عمر رضي الله عنه، وقد ولى عمر قيادة جيش اليرموك لأبي عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة وعزل خالد... وصل الخطاب إلى أبى عبيدة فأخفاه حتى انتهت المعركة، ثم أخبر خالدا بالأمر، فسأله خالد: (يرحمك الله أبا عبيدة، ما منعك أن تخبرني حين جاءك الكتاب؟)... فأجاب أبو عبيدة: (اني كرهت أن أكسر عليك حربك، وما سلطان الدنيا نريد، ولا للدنيا نعمل، كلنا في الله أخوة)... وأصبح أبو عبيدة أمير الأمراء بالشام.

تواضعه
ترامى الى سمعه أحاديث الناس في الشام عنه، وانبهارهم بأمير الأمراء، فجمعهم وخطب فيهم قائلا: (يا أيها الناس، اني مسلم من قريش، وما منكم من أحد أحمر ولا أسود، يفضلني بتقوى إلا وددت أني في اهابه!!).

وعندما زار أمير المؤمنين عمر الشام سأل عن أخيه، فقالوا له: (من ؟)... قال: (أبو عبيدة بن الجراح)... وأتى أبو عبيدة وعانقه أمير المؤمنين ثم صحبه الى داره، فلم يجد فيها من الأثاث شيئا، الا سيفه وترسه ورحله، فسأله عمر وهو يبتسم: (ألا اتخذت لنفسك مثلما يصنع الناس؟)... فأجاب أبو عبيدة: (يا أمير المؤمنين، هذا يبلغني المقيل)...

طاعون عمواس

حل الطاعون بعمواس وسمي فيما بعد (طاعون عمواس) وكان أبو عبيدة أمير الجند هناك... فخشي عليه عمر من الطاعون...فكتب إليه يريد أن يخلصه منه قائلا: (إذا وصلك خطابي في المساء فقد عزمت عليك ألا تصبح إلا متوجها إلي... وإذا وصلك في الصباح ألا تمسي الا متوجها إلي... فان لي حاجة إليك) وفهم أبو عبيدة المؤمن الذكي قصد عمر وانه يريد أن ينقذه من الطاعون... فكتب إلى عمر متأدبا معتذرا عن عدم الحضور إليه وقال: (لقد وصلني خطابك يا أمير المؤمنين وعرفت قصدك وإنما أنا في جند من المسلمين يصيبني ما أصابهم... فحللني من عزمتك يا أمير المؤمنين) ولما وصل الخطاب إلى عمر بكى... فسأله من حوله: (هل مات أبو عبيدة؟)... فقال: (كأن قد)... والمعنى أنه إذا لم يكن قد مات بعد وإلا فهو صائر الى الموت لا محالة... إذ لا خلاص منه مع الطاعون.

كان أبو عبيـدة رضي الله عنه في ستة وثلاثيـن ألفاً من الجُند، فلم يبق إلاّ ستـة آلاف رجـل والآخرون ماتوا...مات أبو عبيـدة رضي الله عنه سنة (18) ثماني عشرة للهجرة في طاعون عمواس... وقبره في غور الأردن... رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى.

مسجد السيدة زينب - القاهرة


السيدة زينب هى ابنة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم - فاطمة الزهراء- من الإمام على بن أبى طالب وقد أجمع المؤرخون على موفور فضلها ورجاحة عقلها وغزارة علمها، وقد شهدت مع شقيقها الحسين موقعة كربلاء وشاهدت استشهاده بعينى رأسها، وهى - كما شهد لها التاريخ فى الذروة من البلاغة وسمو البيان.

ومسجد السيدة زينب الذى تشرف وجهته الرئيسة الآن على الميدان المسمى باسمها تناولته يد الإصلاح والتعمير فى أوقات مختلفة، ففى العصر العثمانى قام على باشا الوزير والى مصر من قبل السلطان سليمان بعمارة فيه فى سنة 956 هجرية الموافق 1549 ميلادية كما قام عبد الرحمن كتخدا فى سنة 1174 هجرية الموافق 1761 ميلادية بإعادة بنائه، وفى سنة 1212 هجرية الموافق 1798 ميلادية ظهر خلل بالمسجد فقام عثمان بك المرادى بهدمه وشرع فى بنائه وارتفع بجدرانه وأقام أعمدته ولم يتم البناء نظرا لدخول الفرنسيين مصر.

وبعد خروجهم منها استؤنف العمل إلا أنه لم يتم فأكمله محمد على الكبير رأس الأسرة الملكية، ومنذ ذلك التاريخ أصبح مسجد السيدة زينب محل عناية أعضاء هذه الأسرة الجليلة وموضع رعايتها فقد شرع عباس باشا الأول فى إصلاحه ولكن الموت عاجله فقام محمد سعيد باشا فى سنة 1276 هجرية الموافق 1859/ 60 ميلادية بإتمام ما بدأه سلفه وأنشأ مقامى العتريس والعيدروس الآتى ذكرهم بعد.

والمسجد القائم الآن أمر بإنشائه الخديو توفيق وتم بناؤه سنة 1302 هجرية الموافق 1884/ 85 ميلادية وفى عهد جلالة الفاروق وبأمره الكريم تم توسيع المسجد من الجهة القبلية وافتتح جلالته هذه التوسعة بصلاة الجمعة فى 19 من ذى الحجة سنة 1360 هجرية الموافق 1942 ميلادية.

والوجهة الرئيسة للمسجد تشرف على ميدان السيدة زينب وبها ثلاثة مداخل تؤدى إلى داخل المسجد مباشرة. وترتد الوجهة عند طرفها الغربى وفى هذا الارتداد باب آخر مخصص للسيدات يؤدى إلى الضريح وتقوم المئذنة على يسار هذا الباب.

ويحيط بالركن الغربى البحرى سور من الحديد ويقع به قبتان صغيرتان ملتصقتان محمولتان على ستة أعمدة رخامية بواسطة سبعة عقود أقيمتا على قبرى العتريس والعيدروس.

وتقع الوجهة الغربية على شارع السد وبها مدخل على يساره من أعلى ساعة كبيرة وللمسجد وجهتان أخريان إحداهما على شارع العتريس والأخرى على شارع باب الميضة. وأنشئت وجهات المسجد ومنارته وقبة الضريح على الطراز المملوكى وهى حافلة بالزخارف العربية والمقرنصات والكتابات.

والمسجد من الداخل مسقوف جميعه، حمل سقفه المنقوش بزخارف عربية على عقود مرتكزة على أعمدة من الرخام الأبيض ويعلو الجزء الواقع أمام المحراب شخشيخة كما يعلو الجزء الأوسط من المسجد قبل التوسيع شخشيخة بها شبابيك زجاجية بوسطها قبة صغيرة فتح بدائرها شبابيك من الجص المفرغ المحلى بالزجاج الملون.

ويقع الضريح بالجهة الغربية من المسجد وبه قبر السيدة زينب رضى الله عنها تحيط به مقصورة من النحاس تعلوها قبة صغيرة من الخشب. ويعلو الضريح قبة مرتفعة ترتكز فى منطقة الانتقال من المربع إلى الاستدارة على أربعة أركان من المقرنص المتعدد الحطات ويحيط برقبتها شبابيك جصية مفرغة محلاه بالزجاج الملون.

وقد عملت التوسعة من الداخل على نظام باقى المسجد وهى تشتمل على صفين من العقود المحمولة على أعمدة رخامية تحمل سقفا من الخشب المنقوش بزخارف عربية وبوسطه شخشيخة مرتفعة عنه بها شبابيك للإضاءة. وقد بنيت وجهات هذه التوسعة بالحجر على طراز وجهات المسجد الأخرى.

الأحد، 26 فبراير 2012

ثلاثة اسئله وجوابهما صدمة

ارجو ان تقرأها للأخر


لمن لا يسمع الأغاني الغزلية والموسيقى.. فهنيئاً له وأرجو أن يرسلها الى غيره ولمن يسمع فهذه رسالة........ والله لولا إنني أحببتك في الله لما أهمني ولما أرسلت لك هذه الرسالة... أولاً أريد أن
أسالك بصدق .. ثلاثة أسئلة


السؤال الأول: لو كنت جالساً تنظف أذنك بمنظف الآذان وفجأة سقط أخوك من الركض على أذنك دون قصد منه فدخل هذا العود في أذنك ثواني أترى كيف شدة ألمها؟؟ كيف تتحمل وتصبر؟؟ وهل تنام الليل من وجعها؟؟ فما بالك بحديد مذاب من النار يدخل أذنيك ومدة طويلة حماك الله ورعاك..؟؟

...........


السؤال الثاني: إذا دخلت الجنة بإذن الله بعد رحمته تعالى ونجاتك
تدخل الجنة وترى أهلها يتمتعون بالموسيقى فتتمنى أن تسمعها ولكن لن يسمعها في الجنة من كان يسمعها في الدنيا >>انفجعت يوم قريتها انتبهي انتي ويااها صراحه لازم نعيد حساباتنا
مثله مثل شارب الخمر في الدنيا حينما ينحرم من لذة الشرب في الجنة؟؟
أتستبدل بالذي هو أبقى وألذ؟؟ بالفاني؟؟
حينها تتمنى أنك لم تسمع موسيقى في الدنيا لتسمعها في الجنة.... فهل ينفع الندم؟؟
............ ...

السؤال الثالث: هل أنت مرتاح بأن تتسمع على الأغاني؟؟ أتحداك إذا كان قلبك مرتاح
أو مطمئن لهذا....
....أتدري لماذا تحديت؟؟؟ لأنك مسلم

...
والمسلم قلبه دليله لا يرتاح لذنب.. بل كله هموم وأحزان ونكد حماك الله************ *****
قد تقول لطرد الملل



سأقول لك أن الراحة والسعادة والفرج والخير يأتي مع الصبر... ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه عاجلاً أم آجلاً
وقد تقول كيف أتخلص منها

.
أولاً عليك بالدعاء فقد كان رسول الله يدعو الله الهداية ويستعيذ بالله من الفسق والعصيان



ثانياً لن ينفع الدعاء بلا عمل لابد أن تعمل... والعمل هو أن تجاهد نفسك على تركها وتحاول أن تستبدل بسماع القرآن...

ثالثاً تذكر ألم أذنك. في النار... وتذكر حسرتك في الجنة إذا أدخلك الله برحمته... حينما يسمعون الموسيقى ((وما جميع أنواع الموسيقى في الدنيا إلا أقل من الذرة في الجنة)
حينها تتحسر وتندم تريد أن تسمع ولو لثواني ولكن هل تنفع الحسرة؟؟



رابعاً تذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم

{ليكونن من أمتي قوم يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف} أخرجه البخاري وفي لفظ: {ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير ))



لا شك أنها في البداية صعبة جداً وتحن وتشتاق ولكن جاهد نفسك وتذكر هذه الآية (ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى)

إذا لابد أن ننهي أنفسنا الأمّارة بالسوء عن هواها
وبالتدريج تأكد بأنّ الله عزّ وجل ييسّرها لك لأنّه يعلم صدق توبتك وهكذا تستطيع التخلّص من الأغاني بل وتكرهها كرهاً بليغاً واحرص دائماً على تذكر الموت حتى لا يموت القلب تذكر الحسرات والمسرّات في الآخرة بسبب الأغاني أو تركها
فما هي إلا دنيا ذاهبة زائلة إلى آخرة قادمة دائمة

هل يجوز جمع فرضين في وقت واحد؟

هل يجوز جمع فرضين في وقت واحد. اي ان يصلي المرء الظهر والعصر في وقت صلاة الظهر ومثلها المغرب والعشاء في وقت المغرب هذا ما يحدث في ساحات الاعتصمات في الميادين اليمنية؟
يجيب على هذه الفتوى الدكتور عبدالله سمك: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ الْجَمْعِ لِغَيْرِ عذر؛ لأِنَّ أَخْبَارَ الْمَوَاقِيتِ الثَّابِتَةِ لاَ تَجُوزُ مُخَالَفَتُهَا إِلاَّ بِدَلِيلٍ خَاصٍّ، وَلأِنَّهُ تَوَاتَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ حَتَّى قَال ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا رَأَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلاَةً لِغَيْرِ مِيقَاتِهَا إِلاَّ صَلاَتَيْنِ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ أَيْ بِمُزْدَلِفَةَ " الْحَدِيثَ.
وَذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ مِنْهُمْ - أَشْهَبُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَابْنُ سِيرِينَ وَابْنُ شُبْرُمَةَ - إِلَى جَوَازِ الْجَمْعِ لِحَاجَةٍ مَا لَمْ يُتَّخَذْ ذَلِكَ عَادَةً.
قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: يَجُوزُ الْجَمْعُ فِي الْحَضَرِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ، وَلاَ مَطَرٍ، وَلاَ مَرَضٍ . وَهُوَ قَوْل جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْل الْحَدِيثِ لِظَاهِرِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ مَطَرٍ فَقِيل لاِبْنِ عَبَّاسٍ لِمَ فَعَل ذَلِكَ قَال: أَرَادَ أَنْ لاَ يُحْرِجَ أُمَّتَهُ. وَلِمَا رُوِيَ مِنَ الآْثَارِ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْمَعُونَ لِغَيْرِ الأْعْذَارِ الْمَذْكُورَةِ

وثَق النبي صلى الله عليه وسلم صِِلات القربة بالرجال الاربعة

وهكذا وثَق النبي صلى الله عليه وسلم صِِلات القربة بالرجال الاربعة الذين عرف عنهم كمال الحب الاخلاص للرسول ولدعوته : ابوبكر ,وعمر , وعثمان ,وعلي رضي الله عنهم جميعاً وارضاهم :
1- زواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة رضي الله عنها بنت ابو بكر رضي الله عنه *وهذه صِلاته مع ابو بكر رضي الله عنه *
2-زواج سيدنا علي من فاطمة رضي الله عنهما بنت الرسول صلى الله عليه وسلم
*وهذه صَلاته مع سيدنا علي رضي الله عنه *
3- زواج سيدنا عثمان من رقية وام كلثوم رضي الله عنهم بنات الرسول صلى الله عليه وسلم
*وهذه صِلاته مع سيدنا عثمان رضي الله عنه *
4-زواج النبي صلى الله عليه وسلم من حفصة بنت سيدنا عمر رضي الله عنهما
*وهذه صِلاته مع سيدنا عمر رضي الله عنه*
وهم الذين سيُكتب لهم شرف متابعة المسيرة بعد رحيل المصطفى صلى الله عليه وسلم
ليكونوا خلفائه الاربع ورئساء ارشد حكومة عرفها التاريخ.

هكذا تكون الثقة بالله تعالى

إن المسلم يحتاج في عصر الأزمات إلى الثقة بالله سبحانه،
وصدق التوكل عليه وحده، فهو الذي يكشف الضر
: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ
فلا كاشف للأزمات إلا الله القوي المتين،
شديد المحال،
العزيز الذي لا يُغلب،
الذي له جنود السموات والأرض،
القاهر فوق عباده،
الذي بيده مفاتيح الرزق،
القابض الباسط،
القادر على كل شيء،
له الأمر من قبل ومن بعد،
وإليه ترجع الأمور جميعها.
فعلى المسلم أن يتعلق بحبله،
ويعتصم بكتابه،
وسنة نبيه، ويخلص له الدعاء،
ويكثر العبادة، لأن لها أثراً كبيراً في أيام الهرج والفتن،
وينبغي أن يعلم أن لله تعالى في هذه الأزمات أسراراً عجيبةً وحكماً بالغة
: مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ.

مسجد البيعة.بيعة العقبة الاولى

صور لمسجد البيعة الموجود حتى الآن بمنى
بنفس شكله وهو المكان الذى بايع فيه الأنصار الرسول صلى الله عليه وسلم فى بيعة العقبة الأولى




مسجد البيعة.بيعة العقبة الاولى


مسجد البيعة.بيعة العقبة الاولى


مسجد البيعة.بيعة العقبة الاولى

مسجد البيعة.بيعة العقبة الاولى

أول ثلاثة تسعّر بهم النار

أوصاف أول ثلاثة تسعر بهم نار جهنم يوم القيامة والعياذ بالله، فينبغي لكم ان تتأملوا الأسباب التي جعلت هؤلاء الأشخاص هم اول من تسعر بهم النار،لكي تتجنبوها ولا تقعوا فيها.
أخرج الإمام مسلم في صحيحه:عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول الناس يقضى فيه
يوم القيامة
ثلاثة: رجل أستشهد ، فأتى به فعرفه نعمته فعرفها فقال: ما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى قتلت.قال: كذبت ولكن قاتلت ليقال هو جرئ، فقد قيل. ثم يأمر به فيسحب على وجهه حتى ألقي في النار.
ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القران ، فأتى به فعرفه نعمه فعرفها فقال ما عملت فيها؟ قال: تعلمت فيك العلم وعلمته وقرأت فيك
القران
. فقال: كذبت ولكنك تعلمت ليقال هوعالم فقد قيل وقرأت القران ليقال:هو قارئ فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.
ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله ، فأتى به فعرفه نعمه فعرفها فقال:ماعملت فيها؟فقال:ما تركت من سبيل تحب ان ينفق فيها إلا انفقت فيها لك.قال:كذبت ولكنك فعلت ليقال : هو جواد فقد قيل.ثم امر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.
وفي لفظ: فهؤلاء أول خلق الله تسعر بهم
النار
يوم القيامة.
إذن السبب الأساسي في عدم قبول اعمالهم هو الرياء ، فأعمالهم لم تكن خالصة لوجه الله تعالى،فينبغي عليك اخي وأختي إذا قمت بالعمل ان يكون خالصا لله تعالى لا شريك له، حتى تنجو من
النار وتفوز بالجنة.

مفتاح السماء

الدعاء
هو تلك ( الرسائل الباكية )
التي نرسلها إلى السماء بوجل

وننتظر عودتها بانكسار
و نحن نردد :

(
أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ
)



الدعاء

هو تلك (اليد المتعبة)
التي نطرق بها أبواب السماء

وننتظر أن يؤذن لنا
ونحن نكرر :

(
ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ
)



الدعاء

هو أن تمد يدك و أنت الفقير
إلى.. غني.. كريم.. قدير
وأنت متيقن تمام
أن اليد الممدودة إلى السماء
لا تعود فارغة أبد



يا أحباب.. الدعاء
لقلوبنا عزاء .. و ليأسهارجاء .. و لحزنها جلاء


فلنحمد الله.. أن وفقنا إليه
ودلناعليه..
وأهدانا إياه .. رحمة منه وكرم

قال ابن عيينة: (لأنا مِن أن أمنع الدعاء أخوف .. مني أن أمنع الإجابة)

-
لله دره من قلب
-



أن تمنع الدعاء

يعني أن ( تضنيك الدروب)
و ( تشغلك المسافات
)
وتقضي عليك


(
صروف الدهر)



أن تمنع الدعاء

يعني أن تخوض( معركة الحياة ) .. بلا ( سيف )
وتواجه ( تقلباتها ) .. بلا ( درع
)
وتتلقى (ضرباتها) .. بلا (حجاب
)


فتخر

جريحا .. كسيرا .. صريعا
لا حول لك .. ولا طول



أن تمنع الدعاء
هو أن تألف الموت و تتوهم الحياة


وأي حياة تريد .. و أي عيش ترجوا
وقد أمسيت مرتهنا إلى ضعفك

(
وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً )


وأي حياة تريد .. و أي عيش ترجوا

وقد فقدت وقود الأمل بداخلك
و حرمت فضل القوي الجبار القادر على كل شيء
القوي الذي أمره بين كاف ونون

(
إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)
 


إن أضناك الانتظار .. و أردت القرار
واشتقت إلى أن تعود دعواتك
بفرج ( فَاسْتَجَبْنَا لَهُ )
وتشفى جراحك

بـ ( قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ )


فلا بد لك أن تقف

مع (أعظم قصص الفرج في التاريخ)
لتملك المفتاح وتعرف السر

سر الفرج .. سر زوال الكرب

سر المنحة الإلهية :

(
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ
)


جمع الله جل جلاله كل تلك القصص العظيمة في سورة واحدة



هي سورة الأنبياء
التي أهدتنا ( مفتاح باب السماء )


 

 

سورة ..أنبأتنا
بأعظم قصة صبر

(
وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)



وأبكتنا

بأعظم قصة سجن

(
وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ
فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)



وأحزنتنا

بأعظم قصة عقم

(
وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ)


ليأتي الشفاء في الأولى
:

(
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ

وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ)


وتأتي النجاة في الثانية
:

(
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ
)


ويأتي الوليد في الثالثة
:

(
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ
)



إقرأ بقلبك

ما قاله الله جل في علاه
بعد أن ساق لناكل تلك القصص

(
إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)



أسنان مفتاح الفرج .. ثلاثة
:


(1)

(
إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ
)
قال ابن سعدي لا يتركون فضيلة يقدرون عليها، إلا انتهزوا الفرصة فيها
)




(2)

(
وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً
)
قال ابن جريج : ( رغبا في رحمة الله ، ورهبا من عذاب الله
) .




(3)

(
وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ
)
قال أبو سِنَان: ( الخشوع هو الخوف اللازم للقلب، لا يفارقه أبدًا
) .



أما وقد



سارعت نفسك .. في الخيرات


و ارتوى دعائك .. رغبة ورهبة


و تدثر قلبك .. بخشوع لا ينفك عنه


فأنتظرها بيقين :



(
فَاسْتَجَبْنَا لَه
)
اللهم
..
إني أعوذ بك من علم لا ينفع

ومن قلب لا يخشع
ومن نفس لا تشبع


ومن دعوة لا يستجاب لها
ومن دعوة لا يستجاب لها
ومن دعوة لا يستجاب لها

الحكمة من جعل القلم أول المخلوقات وآدم آخرها

مقتطفات من كتبه - مقالات مختارة من كتب ابن القيم
لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيئ قدير


كان أول المخلوقات القلم, ليكتب المقادير قبل كونها, وجعل آدم آخر المخلوقات وفي ذلك حكم. الأولى: تمهيد الأرض قبل الساكن. الثانية: أنه الغاية التي خلق لأجلها ما سواه من السماوات والأرض والشمس والقمر والبر والبحر. الثالثة: أنه أحذق الصنّاع يختم عمله بأحسنه وغايته كما يبدؤه بأساسه ومبادئه. الرابعة: أن النفوس متطلعة إلى النهايات والأواخر دائما, ولهذا قال موسى عليه السلام للسحرة: أولا{أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ} يونس 80 , فلما رأى الناس فعلهم تطلعوا إلى ما يأتي بعده. الخامسة: أن الله سبحانه أخّر أفضل الرسل والأنبياء والأمم إلى آخر الزمان وجعل الآخرة خيرا من الأولى, والنهايات أكمل من البدايات, فكم بين قول الملك للرسول اقرأ, فيقول: ما أنا بقارىء, وبين قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} المائدة 3. السادسة: أنه سبحانه جمع ما فرقه في العالم في آدم, فهو العالم الصغير وفيه ما في العالم الكبير. السابعة: أنه خلاصة الوجود وثمرته, فناسب أن يكون خلقه بعد الموجودات. الثامنة: أن من كراماته على خالقه أنه هيأ له مصالحه وحوائجه وآلات معيشته وأسباب حياته, فما رفع رأسه إلا وذلك كله حاضر عتيد. التاسعة: أنه سبحانه أراد أن يظهر شرفه وفضله على سائر المخلوقات فقدمها عليه في الخلق, ولهذا قالت الملائكة: ليخلق ربنا ما شاء فلن يخلق خلقا أكرم عليه منا. فلما خلق آدم وأمرهم بالسجود له ظهر فضله وشرفه عليهم بالعلم والمعرفة, فلما وقع في الذنب ظنت الملائكة أن ذلك الفضلقد نسخ ولم تطلع على عبودية التوبة الكامنة, فلما تاب إلى ربه, وأتى بتلك العبودية, علمت الملائكة أن لله في خلقه سرا لا يعلمه سواه.العاشرة: أنه سبحانه لما افتتح خلق هذا العالم بالقلم كان من أحسن المناسبة أن يختمه بخلق الإنسان, فإن القلم آلة العلم, والإنسان هو العالم. ولهذا أظهر سبحانه فضل آدم على الملائكة الذي خُصّ به دونهم وتأمل كيف كتب سبحانه عذر آدم قبل هبوطه إلى الأرض ونبه الملائكة على فضله وشرفه ونوه باسمه قبل إيجاده بقوله:{ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} البقرة 30 وتأمل كيف وسمه بالخلافة وتلك ولاية له قبل وجوده, وأقام عذره قبل الهبوط بقوله: { في الأرض} والمحب يقيم عذر المحبوب قبل جنايته. فلما صوره ألقاه على باب الجنة أربعين سنة لأن دأب المحب الوقوف على باب حبيبه, ورمى به في طريق الذل:{ لَمْ يَكُنْ شَيْئا} الانسان1, لئلا يعجب يوم {اسجدوا}. وكان إبليس يمر على جسده فيعجب منه ويقول: لأمر قد خلقت, ثم يدخل من فيه ويخرج من دبره ويقول: لئن سلطت عليك لأهلكنك ولئن سلطت علي لأعصينك, ولم يعلم أن هلاكه على يده. رأى طينا مجموعا فاحتقره.فلما صور الطين صورة دب فيه داء الحسد, فلما نفخ فيه الروح مات الحاسد. فلما بسط له بساط العز, عرضت عليه المخلوقات, فاستحضر مدعي {وَنَحْنُ نُسَبِّح} إلى حاكم {أَنْبِئُونِي}. وقد أخفى الوكيل عنه بينة {وَعَلَّمَ} فنكسوا رؤوس الدعاوى على صدور الإقرار. فقام منادي التفضيل في أندية الملائكة ينادي:{ اسْجُدُوا}, تطهروا من حدث دعوى {وَنَحْن} بماء العذر في آنية {لا عِلْمَ لَنَا}, فسجدوا على طهارة التسليم, وقام إبليس ناحية لم يسجد, لأنه خبث, وقد تلون بنجاسة الاعتراض. وما كانت نجاسته تتلافى بالتطهير, لأنها عينية, فلما تم كمال آدم قيل: لا بد من خال جمال على وجه {اسْجُدُوا}, فجرى القدر بالذنب, ليتبين أثر العبودية في الذل.يا آدم! لو عفى لك عن تلك اللقمة لقال الحاسدون: كيف فضل ذو شره لم يصبر على شجرة. لولا نزولك ما تصاعدت صعداء الأنفاس, ولا نزلت رسائل "هل من سائل" *ولعلّه يقصد حديث:" ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا.." ولا فاحتروائح "ولخلوف فم الصائم", فتبين حينئذ أن ذلك التناول لم يكن عن شره.يا آدم, ضحكك في الجنة لك, وبكاؤك في دار التكليف لنا.ما ضر من كسره عزي, إذا جبره فضلي إنما تليق خلعة العز ببدن الانكسار. أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي. ما زالت تلك الأكلة تعاده حتى استولى داؤه على أولاده, فأرسل إليهم اللطيف الخبير الدواء على أيدي أطباء الوجود:{ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى} طه 123. فحماهم الطبيب بالمناهي, وحفظ القوة بالأمر, واستفرغ أخلاطهم الرديئة بالتوبة, فجاءت العافية من كل ناحية.وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم ولا حول ولا قوة الا بالله
اللهم اغفر لي وللمؤمنين وللمؤمنات الاحياء والاموات

إيثار النبي محمد عليه الصلاة والسلام ؟

معنى «الإيثار»: أن تفضل أخاك على نفسك، شيء من حظوظ الدنيا تتركه لأخيك فيستمتع هو به وتفقده أنت. عندما نقول «فلان آثر فلاناً»، أي قدمه على نفسه، أي فضّله على نفسه في حظوظ الدنيا رغبة «في حظوظ الآخرة».
نماذج في «الإيثار»
في ليلة من ليالي الشتاء الباردة في المدينة، والنبي يشعر ببرد قارس جاءته امرأة من أنصار المدينة وقد نسجت له بردة من القطيفة ففرح بها
النبي
ولبسها، فخرج بها صلى الله عليه
وسلم (في أول لبسة) (مثلما تشتري بذلة جديدة وتخرج بها لأول مرة) فنظر إليه أحد الصحابة من الأنصار وقال له: «ما أحلى هذه العباءة! ألبسِنها يا رسول الله».
إذا كنت مكان
النبي
ماذا تفعل؟ قال له النبي: «نعم»، وخلعها له في الحال. أرأيتم الإيثار؟
جاء أعرابي إلى
النبي صلى الله عليه وسلم، بعد أن فُتحت مكة وخبير وكثرت الغنائم، وقد كان ذلك بعد 23 عاماً هي فترة بعثة النبي، وكان النبي والصحابة في حالة شدة وفقر. فقد كان صلى الله عليه وسلم يربط حجرين على بطنه من شدة الجوع. فبعد أن مَنَّ الله عليهم بكل هذه الفتوحات، كان نصيب النبي من الغنائم، عدد أغنام «ما بين جبلين»، تخيل هذه الكمية تُصبح مع فقير عاش كثيراً في الفقر، ولكن النبي
كان يريد الآخرة.
- جاءه أعرابي ونظر إلى هذه الغنائم فقال له
النبي
: أتعجبك؟ قال: نعم. قال له النبي: هي لك، فقال له: يا محمد، أتَصدقني القول؟ قال: نعم، خذها إن شئت.
هل تتخيل مدى الإيثار؟
فقام الرجل وجرى إلى الغنم وهو يتلفَّت حوله، وأخذها كلها وعاد بها إلى قومه وقال لهم: «أسلِموا، فقد جئتكم من عند خير الناس، إن
محمد
يعطي عطاء من لا يخشى الفقر أبداً».
يقول الراوي: ما منع رسول الله صلى الله
عليه
وسلم أحداً شيئاً يملكه، أي لم يمنع الرسول عن أحد أي شيء يطلبه من النبي.
جاء رجل إلى
النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: يا نبي الله إني مجتهد (أي ليس معي ما آكل) فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى بعض زوجاته: «هل عندكم من شيء؟». فكلما بعث إلى واحدة، أرسلت إليه قائلة: «لا والذي بعثك بالحق ما عندنا إلا الماء». فقام النبي
ونادى في أصحابه: «من يضيف هذا الرجل؟». فقام رجل من الأنصار وقال: «أنا يا رسول الله»، وأخذه وأسرع إلى زوجته سألها: «هل عندك طعام؟». فقالت:«لا، إلا قوت صبياني»، أي بقايا أكل لا تكفي إلا أولادهم. فقال لها: (علليهم بشيء)، أي أنسيهم الأكل، وإذا أرادوا العشاء أنيميهم، حتى يأتي الضيف، فضعي الطعام وأطفئي السراج حتى يشعروا بأننا نأكل فيأكل هو».
لابد أن يكون شعارنا، كما قال
النبي صلى الله عليه
وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».
هذا هو شعار الإيثار: لا يكتمل إيمانك حتى تحب لأخيك ما تحب لنفسك.
قال لي أحد الأصدقاء وهو يمازحني: لقد تحدثت عن
إيثار النبي(ص)، فأين نحن من النبي عليه الصلاة
والسلام؟
صديقي هذا يتحدث بلسان كثيرين يقولون ويتحججون بأنهم بشر عاديون وبسطاء، وليسوا أنبياء. وتلك مصيبة، أنظن أن تعاليم النبي(ص) وأقواله وأفعاله هي من خصائص
النبي
وحده؟
المولى عزّ وجلّ يعلمنا: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا). كما أنه عزّ وجلّ يؤكد لنا: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر).
إذن، فحاول أن تراقب النبي، واسأل نفسك: ماذا كان سيفعل رسول الله(ص) في هذا الموقف أو ذاك؟ وكيف كان سيتصرف؟ ثم حاول أن تقتدي به وتفعل مثله.
المشكلة الحقيقية الآن، أنك حينما تخبر بعض المتراجعين عن أخلاق النبي، وتنصحهم بها، يظنون أن من المستحيل وجود هذه الأخلاق الآن، وأننا في ضلال من بعد النبي، رغم أن رسول الله(ص) نفسه يقول: " تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً.. كتاب الله وسنتي".
لذلك، أصبحنا الآن نرى أناساً، للأسف الشديد، ما إن تطلب منهم أن يسامحوا فلاناً، اقتداء بتسامح النبي، تجدهم يردون: "لقد كان نبياً، ونحن لسنا بأنبياء"، وحين تنصحهم بالمعاملة الحسنة، أسوة بالرسول، يقولون: "وهل نحن رسل؟". أن يرددون: "وأين نحن من رسول الله؟".
يا جماعة، هذا الدين ليس ديناً نظرياً، وسنة
النبي
ما كانت لتكتب في الكتب وكفى، وإنما المهم التطبيق الحقيقي والواعي لها.
تعالوا لنرجع إلى الإيثار: هل كان الصحابة يؤثرون أم لا؟ وهل كانوا يقولون: لسنا أنبياء" أو يرددون "وأين نحن من رسول الله"؟ أم أنهم كانوا قدوة في اتباع أوامر النبي؟
دائماً نسمع عن الإيثار بأن يقوم به فرد، لكن أن يقوم به بلد بأكمله فهذا ما لم نسمع به، وقد كانت المدينة هي هذا البلد، وكانوا هم الأنصار. لقد كان إيثارهم شيئاً خيالياً لا يصدق. عندما خرج المهاجرون من مكة، لا يملكون شيئاً، كل واحد بما يلبسه فقط، وقد كانوا أغنياء، وكانوا تجاراً، أما أهل المدينة فهم زراع، وكان المهاجرون لا يستطيعون العمل بالزراعة، وأتى المهاجرون، ومنهم من أتى على قدمه. لكن ما حصل كان فوق الخيال. يقول الصحابة إن ما من مهاجر دخل المدينة إلّا بالقرعة، من كثرة إقبال الأنصار على من يأتي من المهاجرين. كل منهم يريد أن يضيفه هو، فكانوا يدخلون بالقرعة.
ونحن الآن، تكون الأم قد كبرت في السن، وتريد من يرعاها، ويكون هناك زوجة الابن، وزوج الابنة، وبناتها، وكل منهم لا يريد أن يُضيِّفها، ويرسلها إلى الآخر. انظر إلى الأنصار، وكانوا ضعفاء وفقراء، ونحن بيوتنا على أكمل وجه، وزوجة الابن لا تتحمل والدة زوجها.
إن الإيثار يجعل البركة تعم، ويجعل رضا الله يوسع من رزقك. لكن، ما دمت لديك الأثرة، وهي عكس الإيثار، أن تؤثر نفسك في الغير، لن تشعر بالبركة. افتحي خزانة ملابسك وانظري إليها ستجدين فيها ملابس منذ 3 سنوات، وملابس لا ترتدينها. لماذا لا تخرجينها؟ وأنا لا أقول لكِ الجديد. فما بالك بالنبي الذي يتصدق بالجديد؟ مثل صعب، أليس كذلك؟
أن
النبي (ص)، عندما هاجر وصحابته إلى المدينة، ذهب إلى الأنصار وقال لهم عن المهاجرين: إخوانكم تركوا الأموال والأولاد وجاؤوكم. لا يعرفون الزراعة، فهلا قاسمتموهم؟ فقالوا: نعم يا رسول الله. نقسم الأموال بيننا وبينهم بالسوية. والرسول كان يقصد مساعدتهم فقط. فقال لهم النبي: أو غير ذلك؟ فقالوا له: وماذا بعد يا رسول الله؟ قال تقاسمونهم الثمر، لأنهم لن يستطيعوا التصرف بالأموال أو الخروج من المدينة لأنها محاصرة. فقالوا: نعم يا رسول الله. بمَ يا رسول الله؟ فقال: بأن لكم الجنة

السبت، 25 فبراير 2012

مستجلبات الرزق

سأبدأ العمود هذه المرة بالقصة بشكل مباشر ومنها سيستدل القارئ المغزى والشاهد من الحكاية ..جاء صبى يسأل موسى أن يغنيه الله...
فسأله موسى هل تريد أن يغنيك الله... في اول 30 عاما من عمرك... أم في الـ 30 عاما الأخيرة...؟
فأحتار الصبي وأخذ يفكر ويفاضل بين الاختيارين ثم استقر اختياره على أن يكون الغنى في أول 30 عاما من عمره، وكان سبب اختياره أنه أراد أن يسعد بالمال في شبابه..
كما أنه لايضمن أن يعيش إلى الـ 60 من العمر، ولكنه نسي ما تحمله الشيخوخة من ضعف وهزال ومرض.
ودعى موسى ربه فاستجاب على أن يغنيه فى أول 30 عاما من عمره.....
واغتنى الصبي وأصبح فاحش الثراء....
وصب الله عليه من الرزق الوفير وصار الصبي رجلا..
وكان يفتح أبواب الرزق لغيره من الناس...
فكان يساعد الناس ليس فقط بالمال، بل كان يساعدهم في إنشاء تجارتهم.. وصناعاتهم وزراعاتهم..
ويزوج غير القادرين ويعطي الأيتام والمحتاجين..وتمر الـ30 عاما الأولى وتبدأ الـ 30 عاما الأخيرة..وينتظر موسى الأحداث.!!؟؟
وتمر الأعوام.. والحال هو الحال !!
ولم تتغير أحوال الرجل....بل ازداد غنى على غناه
فاتجه موسى إلى الله يسأله بأن الأعوام الـ 30 الأولى قد انقضت...
فأجابه الله : وجدت عبدي يفتح أبواب رزقي لعبادي... فاستحيت أن أقفل باب رزقي عنه....
من هذه القصة نرى ان السبب الرئيسي في سعة الرزق واستمراره حبه للغير كحبه للنفس واعانة الفقير والمحتاج بمختلف فئاته، ناهيك عن التوكل على الله في بادئ الامر وايمانه ويقينه بأن الرزق بيد الله وحده.
وكما يعلم الجميع أن هناك أسبابا كثيرة تجلب الرزق وتوسعه أهمها صلة الرحم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أحب أن يبسط له في رزقه ويُنْسَأ له في أثره، فليصل رحمه) رواه البخاري.
ومن أسباب الرزق أيضاً، الإنفاق في سبيل الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى ( يا ابن آدم أنفِقْ أُنفِقُ عليك)
ولا تنتهي مفاتيح الرزق عند هذا الباب بل يفتح له باب آخر وهو الإحسان إلى الضعفاء والفقراء وبذل العون لهم، فهذا سبب في زيادة الرزق وهو أحد مفاتيحه،( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم).
وكما يعلم الكثيرون أن من مستجلبات الرزق، المهاجرة في سبيل الله، والسعي في أرض الله الواسعة، فما أغلق دونك هنا، قد يفتح لك هناك. واخيرا من أراد سعة في الرزق وامتدادا له، ماله الا الاستغفار فاذا استغفرت الله فأنت قد علمت أن لك رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب فخفت واستغفرت وقد وعدك ووعده الحق، فقال: استغفروا ياعبادي، وسأغفر لكم وباستغفاركم، سأرسل السماء عليكم مدراراً حتى ترتووا وترتوي دوابكم ومن يحب المال فسأمده بالمال وليس المال فقط، من يحب البنين فسأمده كذلك بالبنين وليس بالبنين فقط، ومن يحب الأراضي والأملاك والمزارع والجنان، والعقار فكل ذلك مرتبط بالاستغفار.

المرأة الداعية ضرورة بشرط العلم والبعد عن المحاذير

عمرو أبو الفضل

انتشرت في بعض البلاد الإسلامية حلقات الدروس من النساء للنساء في المساجد والمدارس والدور النسائية، وبالرغم من أهميتها فإن توسع الداعيات فيها يتم بطريقة يمكن في بعض الأحيان أن تترتب عليها مشكلات وفتن بسبب جهل التي تدرس أو دخولها في أبواب من العلم. وأصبحت بعض الداعيات تتحكمن في بيوت المسلمين بفتواهن، فضلا عن المحاذير التي قد تحدث بسبب خروج المرأة من بيتها لحضور الدروس في المساجد، ومفاسد سفر بعضهن من بلد إلى بلد بحجة سماعها الدروس وحضور المخيمات الدعوية، وتعرضهن للحوادث المفاجئة والمضايقات.
قالت الدكتورة رجاء حزين الأستاذ بجامعة الأزهر إن رسالة الإسلام تؤكد أهمية العلم وطلب المعرفة للمرأة والرجل حتى يصبح المجتمع كله متعلما يستطيع أن يقوم بدوره في تعمير الكون ونشر العدل والرحمة والمجتمعات تتقدم وتتطور بدرجة ما تحصله من علم ومعارف وما تتيحه لأبنائها من فرص التزود بالعلوم ويتساوى في ذلك الرجال والنساء والرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنما النساء شقائق الرجال».
وقالت إن جميع النصوص والمرجعيات الدينية تساوي بين الرجال والنساء في حق طلب العلم والسعي لنيل نصيب من المعرفة والرقي، مؤكدة انه لا يوجد في الإسلام ما يمنع المرأة من ذلك، بل فتح لها الدين باب العلم واسعا حتى تتحمل مسؤوليتها وتكون عارفة بأحكام دينها.
وأضافت أن التاريخ والواقع يؤكد أن المرأة المسلمة تلقت العلم وصارت مرجعا للعلم الشرعي، فقد حرصت الرسالة المحمدية على وجود داعيات إلى الله منذ بداية انطلاقها، وكان أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- يبلغن العلم وينشرن الدين، وهناك دواوين السنة في الرواية عنهن، بل وعن الطبقات من النساء بعدهن ممن روي عنهن الرجال وحملوا عنهن العلم، وقد ترجم الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه «الإصابة في تمييز الصحابة» وحده لثلاث وأربعين وخمسمائة وألف امرأة منهن الفقيهات والمحدثات والأديبات.
الحياة الاجتماعية
وأشارت الى ان المرأة المسلمة كانت تشارك الرجال في الحياة الاجتماعية العامة مع التزامها بزيها الشرعي ومحافظتها على حدود الإسلام وآدابه، حتى إن من النساء الصحابيات من تولت الحسبة، ومن ذلك ما رواه الطبراني في «المعجم الكبير» بسند رجال ثقات عن أبي بلج يحيى بن أبي سليم قال:»رأيت سمراء بنت نهيك -وكانت قد أدركت النبي -صلى الله عليه وسلم- عليها درع غليظ وخمار غليظ بيدها سوط تؤدب الناس وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر».
وأوضحت أنه لا يمكن إنكار هذا الواقع الثابت في السنة النبوية الشريفة والتاريخ الإسلامي لأن فيه ظلما وتشددا وتشويها لحقائق الإسلام، وينبغي أن يكون هناك نساء داعيات، بل من الواجب أن يكون هناك نساء متعلمات العلم الشرعي بحيث يقصدن من النساء بالسؤال، لأن كثيرا من النساء يتحرجن أن يتوجهن بأسئلتهن الخاصة بهن إلى أفاضل العلماء. كما أن المرأة أكثر قدرة على التواصل مع بنت جنسها والتأثير فيهن.
وتقول الدكتورة ملكة زرار أستاذ الشريعة والداعية الإسلامية إن أعظم المسؤوليات في الحياة الإسلامية هي مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة الى الله، والدين السمح جعل الرجل والمرأة شريكين في تحمل هذه المسؤولية مصداقا لقوله تعالى: «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله ان الله عزيز حكيم»، وأضافت أن هدي الإسلام حض المرأة على العلم بشرع الله عز وجل والتفقه في الدين وأن تكون عالمة بما يصحح عقيدتها ويقوم عبادتها ويضبط سلوكها بأدب الإسلام في اللباس والزينة وغيرها.
وأكدت انه يمكن للمرأة أن تترقي في العلم حتى تبلغ درجة الاجتهاد، وكتب السيرة بينت أن امرأة ردت على أمير المؤمنين عمر الفاروق وهو يتحدث فوق المنبر على ملأ من الناس، فرجع عن رأيه إلى رأيها وقال:» أصابت امرأة وأخطأ عمر».
ضوابط
وذكرت أن الإسلام وضع ضوابط لحماية المرأة وصيانة الأعراض عند خروجها لطلب العلم أو العمل والمشاركة والتفاعل مع المجتمع، مؤكدة أن الشريعة لا تفرض على المرأة ما يعرقل حركتها أو يمنعها من أداء دورها مادام ذلك في حدود الشرع، ويجوز أن تخرج المرأة للمشاركة في المنتديات والمخيمات الدعوية، الا إذا كان في خروجها ضرر أو تقصير في مسؤولياتها تجاه بيتها وأولادها وزوجها أو إذا خشيت على نفسها الفتنة.
وحذرت الدكتورة آمنة نصير الاستاذ بجامعة الازهر: من تعامل المؤسسات الدينية الرسمية مع الدعوة النسائية من منطق الترف، وقالت إن بعض هذه الجهات تكتفي بإعداد أعداد رمزية من الداعيات النساء، وتترك الساحة للجمعيات الدعوية الخاصة التي في الغالب يكون اهتمامها منصب على النساء التابعات لها سواء في إعداد الداعيات أو تنظيم اللقاءات الدينية. كما أنها لا تملك قدرة الوصول إلى الملايين من النساء.
وشددت على أهمية الدعوة النسائية وتكوين كوادر من الداعيات المسلمات، وقالت إن الدعوة إلى الله فريضة إسلامية على كل مسلمة كما هي على كل مسلم، قال تعالى: «ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر» 104 آل عمران.
وتضيف انه يحسن أن تبتعد الداعيات عن الأمور التي تحتاج لتبحر في العلم الشرعي خاصة العقيدة وأدلتها والأحكام الفقهية، وأن تتحلى بصفات منها العلم بما تدعو إليه وامتلاك خلفية إسلامية كاملة، وتوضح أن العمل الدعوي رسالة ويجب على الداعيات أن يحرصن على تثقيف أنفسهن، والاستفادة من ثورة المعلومات وخبرات علماء الدين والداعيات الأخريات، وحضور الندوات والمحاضرات.
وقالت إن حرص الداعية على أن تكون قدوة حسنة من أهم الأمور التي تحقق التأثير وتجلب القبول، مضيفة أن الاعتدال والوسطية وحسن الخلق والتواضع ولين الجانب والصبر والاهتمام بالمظهر الخارجي صفات ضرورية يجب أن تتحلى بها الداعية.

العلماء: عقوق الوالدين يهدد استقرار المجتمع وتماسكه

محمد عبدالخالق
حذر علماء الدين من شيوع عقوق الوالدين، مؤكدين أن بر الوالدين والإحسان إليهما من أعلى مراتب الجهاد في سيبل الله.
وأكد العلماء أن الحوادث المفزعة التي تطالعنا بها الصحف ووسائل الإعلام عن الأبناء الذين يزجرون أمهاتهم وآباءهم أو يضربونهما أو يقتلونهما نذير شؤم، يهدد استقرار المجتمع الإسلامي وتماسكه، ويخالف الشريعة الإسلامية التي جعلت عقوق الوالدين من الكبائر التي تلي الشرك بالله.
وطالب علماء الدين بالإحسان إلى الوالدين والبر بهما والالتزام بالأوامر الإلهية والنبوية مما يعود بالخير على المجتمع المسلم كله.
ويقول الدكتور علي جمعة مفتي مصر: يبذل الوالدان كل ما أمكنهما على المستويين المادي والمعنوي لرعاية أبنائهما وتربيتهم ويتحملان في سبيل ذلك أشد المتاعب والصعاب والإرهاق النفسي والجسدي وهذا البذل لا يمكن لشخص أن يعطيه بالمستوى الذي يعطيه الوالدان ولهذا اعتبر الإسلام عطاءهما عملا جليلاً مقدسا استوجبا عليه الشكر وعرفان الجميل وأوجب لهما حقوقا على الأبناء لم يوجبها لأحد على أحد إطلاقا، حتى أن الله تعالى قرن طاعتهما والإحسان إليهما بعبادته وتوحيده بشكل مباشر فقال تعالى: «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما» الإسراء 23.
وفي ذلك يقول حبر الأمة وترجمان القرآن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: «ثلاث آيات مقرونات بثلاث، ولا تقبل واحدة بغير قرينتها «وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول» فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يقبل منه و»وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة» فمن صلى ولم يزك لم يقبل منه «أن أشكر لي ولوالديك» فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه ولأجل ذلك تكررت الوصايا في كتاب الله تعالى والإلزام ببرهما والإحسان إليهما والتحذير من عقوقهما أو الإساءة إليهما وقال الله تعالى: «واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا» وقال تعالى: «ووصينا الإنسان بوالديه حسنا» وقال تعالى: «ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن أشكر لي ولوالديك إلى المصير».
رضا الوالدين
وأضاف: جاء في السنة النبوية الشريفة تأكيد وجوب بر الوالدين والترغيب فيه، والترهيب من عقوقهما، ومن ذلك ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قال:»رضا الرب في رضا الوالدين، وسخطه في سخطهما» وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «جئت أبايعك على الهجرة، وتركت أبوي يبكيان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ارجع إليهما، فأضحكهما كما أبكيتهما»، وعن معاوية بن جاهمة السلمي: إنه استأذن الرسول صلى الله عليه وسلم في الجهاد معه، فأمره أن يرجع ويبر أمه، ولما كرر عليه، قال صلى الله عليه وسلم: «ويحك.. ألزم رجلها فثم الجنة»وقد سمى الشرع الحنيف الولد كسبا لأبيه، فقد روى عن النبي الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه» وقال عليه الصلاة والسلام: «إن أولادكم من كسبكم، فكلوا من كسب أولادكم»، وقد قال الشيخ الدردير في «الشرح الصغير»: ويجب «بر الوالدين» وإن كانت الأم تفضل على الأب في البر ولو كانا مشركين أو فاسقين بالجوارح أو بسبب الاعتقاد، ويكون البر بالقول اللين الدال على محبتهما بأن يقول لهما ما ينفعهما في أمر دينهما ودنياهما من دون رفع صوت عليهما ويقود الأعمى منهما - ولو كان كافرا-.
الوصية بالأم
ويؤكد الدكتور أحمد عمر هاشم عضو مجمع البحوث الإسلامية ورئيس جامعة الأزهر الأسبق- أن الوالدين هما أساس الأسرة وعمادها، وخص الإسلام الأم بمزيد رعاية وتوصية، فهي التي حملت ابنها كرها ووضعته كرها، وهي التي عانت في مراحل الحمل والولادة والرضاعة، ولذا جاءت الوصية بالأم ثلاث مرات: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك قال ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال ثم من؟ قال: أبوك» رواه البخاري ومسلم.
وأوضح أن من ثمرات بر الوالدين وصلة الرحم في الدنيا قبل الآخرة أن الله سبحانه وتعالى يمد في عمر البار، ويزيد في رزقه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سره أن يمد له في عمره ويزاد في رزقه فليبر والديه وليصل رحمه» فكما أن عقوق الوالدين يعجل الله العقوبة لصاحبه في الدنيا قبل الآخرة، وفي البر بهما، والإحسان إليهما يعجل الله المثوبة للبار في الدنيا قبل الآخرة كذلك بأن يمد في عمره ويزاد في رزقه.

أُبَيُّ بن كَعب جمع القرآن في حياة النبي وحفظه عنه


منَّ الله علينا ببعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أنزل عليه أفضل كتبه، ليكون دستوراً للأمة وهداية للخلق ونوراً يستضاء به، ومعجزة للرسول صلى الله عليه وسلم، والقرآن الكريم كتاب ختم الله به الكتب، وأنزله على نبي ختم به الأنبياء، برسالة عامة خالدة ختم بها الرسالات، فالقرآن الكريم كلام رب العالمين، وهو الوحي الإلهي والنور المبين، والمصدر الأول للتشريع الإسلامي الحكيم، والمعجزة الناطقة الخالدة إلى يوم الدين، وهو كله فضل وخير، وبركة وهداية للمسلمين، مصداقاً لقول ربنا العظيم: «وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ، صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ»، سورة الشورى، الآيتان 52 - 53.
الأجر العظيم
ويسَّر سبحانه وتعالى تلاوته وحفظه:«وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ»، سورة القمر، الآية 17، ورتَّب على تلاوته الثواب الجزيل والأجر العظيم فقال: «إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ، لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ»، سورة فاطر، الآيتان 29 - 30، وقال صلى الله عليه وسلم :«من قرأ حرفاً من كتاب الله تعالى فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (ألم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف»، أخرجه الترمذي.
وذكر عز وجل أن من صفات المؤمنين أنهم: (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ)، «سورة البقرة، الآية 121»، ومن حق تلاوته: أن يُقرأ مرتلاً مجوداً كما أُنزل، وعلى الطريقة التي تلقاها الصحابة رضي الله عنهم-، من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عنهم أئمة القراءة، حتى وصل إلينا كاملاً سالماً على تلك الكيفية: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، «سورة الحجر، الآية 9»، وللقرآن الكريم منزلة قدسية رفيعة، وفضائل جليلة مهيبة، منشؤها أنه كلام الحق سبحانه وتعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو العاصم من الضلال لمن تمسك به، واعتصم بحبله المتين. وسنتحدث في مقالنا هذا عن صحابي جليل، وإمام كبير هو الصحابي أٌبيّ بن كعب رضي الله عنه فهو سيد القراء، كما وصفه الإمام الذهبي: (سيد القراء، جمع القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وعرض على النبي صلى الله عليه وسلم وحفظ عنه علماً مباركاً، وكان رأساً في العلم والعمل، رضي الله عنه).
حياته
أُبَيُّ بن كَعْب بن قَيْس بن عُبَيْد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار الأنصاري الخزرجي. وَأُمُّ أُبَيّ- رضي الله عنه- صهيلة بنت الأسود بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار، تجتمع هي وأبوه في عمرو بن مالك بن النجار، وهي عمة أبي طلحة زيد بن سهل بن الأسود بن حرام الأنصاري زوج أم سليم، وله كنيتان: أبو المنذر؛ كناه بها النبي- صلى الله عليه وسلم، وأبُو الطفيل، كنّاه بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه بابنه الطفيل، وشهد العقبة وبدراً، وكان عمر رضي الله عنه يقول: «أُبَيُّ سيد المسلمين».
ومن المعلوم أن أُبَيّ رضي الله عنه كان أحد كتبة الوحي للرسول صلى الله عليه وسلم، وكان رضي الله عنه يختم القرآن في ثمانية أيام، كما كان رضي الله عنه حريصاً على تعليم أبناء المسلمين القرآن الكريم سبب سعادتهم في الدنيا والآخرة.
قال أبو نعيم: اختلف في وقت وفاة أُبَيّ، فقيل: توفي سنة اثنتين وعشرين في خلافة عمر، وقيل: سنة ثلاثين أو سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان، قال: وهو الصحيح، لأن زِرَّ بن حبيش لقيه في خلافة عثمان، وقيل: لأن عثمان- رضي الله عنه- أمره بأن يجمع القرآن، (أسد الغابة في معرفة الصحابة 1/64-66).
فضائله
لقد ورد في مناقب أُبيِّ بن كعب- رضي الله عنه - أحاديث عديدة منها: شهادة نبوية لأُبَيٍّ، رضي الله عنه، عن مَسروق قال:«ذُكر عبدُ الله بن مسعود عند عبد الله بن عمرو، فقال: ذاكَ رجلٌ لا أزال أحُبُّه، سمعتُ النبي، صلى الله عليه وسلم- يقول: خُذوا القرآن من أربعةٍ، من عبد الله بن مسعود فبدأ به، وسالمٍ مولى أبي حُذَيفة، ومُعاذِ بن جبل، وَأُبَيِّ بن كعب»، «أخرجه البخاري».
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أرحمُ أمتي بأمتي أبوبكر، وأشدُّهم في أمرِ الله عمر، وأصدَقُهم حياءً عُثمان، وأَقْرؤُهُم لكتاب الله أُبيُّ بن كعب، وأفْرضُهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام مُعاذ بن جبل، ألا وإنّ لكلِّ أمَّةٍ أميناً، وإن أمين هذه الأمة أبو عُبيدة بن الجرَّاح»، أخرجه الترمذي.
قراءة الرسول
قراءة الرسول، صلى الله عليه وسلم، سورة البينة على أُبَيٍّ رضي الله عنه، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأُبَيٍّ: (إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن)، قال أُبي: آلله سمَّاني لك؟ قال: «الله سمَّاكَ لي»، فجعل أُبَيُّ يبكي، قال قتادة: فأُنْبئْتُ أنه قرأ عليه: (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ)، «أخرجه البخاري».
وفي رواية أخرى عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- أيضاً: «أنَّ نبي الله- صلى الله عليه وسلم- قال لأُبي بن كعب: «إنَّ الله أمرني أن أُقْرِئَكَ القرآن، قال: الله سمَّاني لك؟ قال: نعم، قال وقد ذُكِرْتُ عندَ ربِّ العالمين؟ قال: نعم، فذرفت عيناه»، (أخرجه البخاري).
معرفته رضي الله عنه- لأعظم آية في القرآن الكريم، وعن أُبيِّ بن كعب،رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم «يا أبا المنذر! أتدري أيُّ آية من كتاب الله معك أعظم؟، قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: يا أبا المنذر! أتدري أيُّ آية من كتاب الله معك أعظم؟، قال: قلت: الله لا إله إلا هو الحي القيوم، قال: فضرب في صدري، وقال: والله! لِيهْنِكَ العلمُ أبا المنذر»، (أخرجه مسلم).
سورة الفاتحة
تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم سورة الفاتحة لأُبَيٍّ رضي الله عنه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، خرج على أُبيِّ بن كعب، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم : «يا أُبيٌّ»، وهو يُصلِّي، فالتفتَ أُبيٌّ ولم يُجبهُ، وصلَّى أُبيٌّ فَخَفَّف، ثم انصرف إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: السلام عليك يا رسول الله، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «وعليك السلام، ما منعك يا أُبَيُّ أن تُجِيَبني إذْ دَعوْتكَ؟»، فقال: يا رسول الله إني كُنتُ في الصلاة، قال: «أفلم تجدْ فيما أُوحي إليَّ أنِ (اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ)؟»، قال: بَلى ولا أعُودُ إن شاء الله، قال: «تُحِبُّ أن أعَلِّمكَ سُورةً لم يُنْزلْ في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثْلُها؟»، قال: نعم يا رسول الله، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «كيف تَقَرأُ في الصَّلاة؟»، قال: فَقَرَأ أمَّ القُرآن، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده؛ ما أُنْزلَتْ في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها، وإنها سَبْعٌ من المَثاني، والقُرآنِ العظيم الذي أُعْطِيته»ُ)، «أخرجه الترمذي».
لقد فهم المسلمون الأوائل كتاب الله عز وجل، فقدروه حق قدره، واتبعوا هديه، واتخذوه هادياً ومرشداً، فكان نوراً أضاء طريقهم، وسعادة رفرفت فوق حياتهم، حتى بلغوا به ذروة المقام الأسمى، وجلسوا في مكان الصدارة من العالم.
فهذه دعوة لأبناء الأمة بضرورة العودة إلى كتاب ربهم، قراءة، وتدبراً، وعملاً حتى نكون من السعداء إن شاء الله في الدنيا والآخرة.
الدكتور يوسف جمعة سلامة
خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك

العدل من مبادئ الشريعة وجعلها الله من أسمائه


أحمد محمد
العدل رأس القيم، صفة ربانية جعلها الله اسما من أسمائه واختص بها ذاته لعظمتها وأهميتها في كل زمان ومكان، وهي إحدى صفات المؤمنين، مبدأ أساسي من مبادئ الشريعة الإسلامية، ليس فيه استثناء ولا تهاون، أمر رباني لرسولنا ولأمته من بعده. والعدل مفهوم جامع، قوام الدنيا والدين، وبه بعث الله عز وجل الرسل مبشرين ومنذرين، به يكتمل صلاح العباد والبلاد، يشمل حقوق الله وحقوق العباد.
(القاهرة) - ركز الإسلام على العدل وجعله قضية مركزية، فلا يوجد ركن في الإسلام إلا والعدل فيه مطلوب، سواء ارتبط بالفرد أو الجماعة أو الأمة، أو ارتبط بالعقيدة أو المعاملة أو العبادة، بل إن الإسلام جعله أعظم المقاصد التي يقصد إليها الشرع، وصلب الدين، فقضية العدل ليست اختيارية أو من فضائل الأعمال، إنما هي أمر إلزامي لا تقوم الشريعة إلا به، ولا يستقيم لمؤمن أن يحكم بغيره، من الأسس التي عليها عمار الكون، وصلاح العباد، حث عليه الإسلام وجعله أساسا للحكم بين الناس، ومعناه لغة الإنصاف.
خلق إسلامي
والمتأمل في كتاب الله وسنة نبيه يجد الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي ورد فيها الحث على العدل، ويقول فضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية، ان العدل قضية عظمى عليها قام الملك وهو خلق اسلامي رفيع حث عليه الله سبحانه وتعالى في الكتاب العزيز وفي سنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، والآيات الآمرة بالعدل عامة تشمل العدل مع جميع الناس، وفي جميع القضايا، والأمر صريح ومطلق بالعدل في كل الأمور، كما قال سبحانه «إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون» النحل:90، وقد أمر سبحانه بالعدل في القول فقال«وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون» الأنعام: 152، ومن آيات الذكر الحكيم ما يدعو إلى العدل في الحكم بين الناس كما قال سبحانه«وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا» النساء: 58، وأكد الله تعالى الأمر بالعدل خاصة في حالة العداء، فقال سبحانه«يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون» المائدة: 8، وقال الإمام ابن جرير في تفسير الآية «ان الله جل ثناؤه يعني بذلك: يا أيها الذين آمنوا بالله وبرسوله ليكن من أخلاقكم وصفاتكم القيام لله شهداء بالعدل في أوليائكم وأعدائكم، ولا تجوروا في أحكامكم وأفعالكم، فتتجاوزوا ما حددت لكم في أعدائكم لعداوتهم لكم، ولا يحملنكم عداوة قوم على أن لا تعدلوا في حكمكم وسيرتكم بينهم، فتجوروا عليهم من أجل ما بينكم وبينهم من العداوة.
القسط
لقد أرسل الله رسله وأنزل معهم ميزان العدل، ليقوم الناس بالقسط، وما ذلك إلا لأهميته، قال تعالى: «لقد أَرسلنا رسلنا بالبينات وأَنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط».. والقسط من الدين، قال ابن القيم، إن الله سبحانه أرسل رسله وأنزل كتبه ليقوم الناس بالقسط وهو العدل الذي قامت به الأرض والسموات فإذا ظهرت علامات العدل فثم شرع الله.
أما ما ورد في السنة الشريفة فأكثر من أن نحصيه، فقد روى أنس بن مالك ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تزال هذه الأمة بخير ما إذا قالت صدقت وإذا حكمت عدلت وإذا استرحمت رحمت» «ذكره الطبراني»، كما نهى النبي عن الظلم، فقد روى عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الظلم ظلمات يوم القيامة» رواه البخاري، وفي الحديث القدسي فيما يرويه نبينا صلى الله عليه وسلم عن رب العزة انه قال سبحانه «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما» رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: «ثلاث منجيات وثلاث مهلكات، فأما المنجيات: فالعدل في الغضب والرضا وخشية الله في السر والعلانية والقصد في الغنى والفقر، وأما المهلكات: فشح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه».
الحقوق والواجبات
وحول قول الله تعالى «وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا» النساء: 58، يقول د. زغلول النجار الباحث المتخصص في الاعجاز العلمي في القرآن الكريم: هذا النص القرآني يحوي الكثير من أوجه الإعجاز التشريعي فالحكم هو القضاء والفصل، وهو تولي إدارة شؤون البلاد، والمعنى ان ربكم يأمركم إذا قضيتم بين الناس في حقوقهم أن تقضوا بالعدل والإنصاف، بغض النظر عن أي اعتبارات باطلة شائعة، وأصل العدل التسوية، والمقصود بأن تعدلوا بين الناس في أحكامكم، أن تسووا بينهم في الحقوق والواجبات من دون أدنى تمييز لعرق أو لون أو مستوى اجتماعي، ولفظ «الناس» يشمل كل الناس من دون أي تفريق بين غني وفقير، أو أمير وخفير، أو أبيض وأسود، فالعدل في الدنيا حق لكل إنسان، لأن البشر جميعا ينتهي نسبهم إلى أب واحد، وأم واحدة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الناس سواسية كأسنان المشط، ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم».
ويؤكد الفقهاء ان العدل ميزان الله في الأرض، به يحصل الوئام بين الحاكم والمحكوم وهو أساس الملك وبه يستتب الأمن، وتحصل الطمأنينة في النفوس ويسود التعاون والتماسك في المجتمع، وبه صلاح الرعية وظهور الخيرات والبركات، يوفر الأمان للضعيف والفقير، يشيع الحب بين الناس، وبين الحاكم والمحكوم، ويحمي الحقوق والأملاك.
واذا ذكر العدل ذكر عمر بن الخطاب الذي جاءه رسول قيصر فرآه نائما على الارض، وقد توسد درته، وهي عصا صغيرة، وقال قولته المشهورة: حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر.

النفس المهتدية تنجو بفضل الله وتفوز بالجنة

أحمد شعبان

من أعظم نعم الله على عباده نعمة الهداية وخاصة الهداية للدين الإسلامي حيث قال تعالى عن الأعراب: «يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين» سورة الحجرات الآية 17 وقال تعالى ممتنا على نبيه- صلى الله عليه وسلم- بهذه النعمة: «وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم» سورة الشورى الآية 52 وقال تعالى :»ووجدك ضالا فهدى» سورة الضحى الآية 7.
أحكام
يقول الدكتور السيد أبوالحمايل مدرس الثقافة الإسلامية بكلية الدعوة جامعة الأزهر إن الله تعالى أنعم على عباده بالهداية بدليل تكرار لفظ الهداية في آيات كثيرة من القرآن منها قوله تعالى: «قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل» سورة يونس الآية 108 يخاطب الله رسوله، صلى الله عليه وسلم، بأنه لما تبين البرهان والخبر الصادق المؤيد بالبراهين الذي لا شك فيه لأنه أنزل من عند الله تعالى الذي من أعظم تربيته للخلق أن أنزل إليهم القرآن الكريم فيه تبيان لكل شىء وفيه من أنواع الأحكام والمطالب الإلهية والأخلاق المرضية ما فيه أعظم تربية للإنسان فقد تبين الرشد من الغي ولم يبق لأحد شبهة فمن اهتدى بهدى الله بأن علم الحق وتفهمه وآثره على غيره فلنفسه والله تعالى غني عن عباده وإنما ثمرة أعمالهم راجعة إليهم ومن ضل عن الهدى بأن أعرض عن العلم بالحق أو عن العمل به فإنما يضل ويضر نفسه ولا يضر الله شيئا والله تعالى يحفظ أعمال الناس ويحاسبهم عليها والله عليهم وكيل.
الحجة
وقال تعالى في سورة الإسراء: «من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا» الآية 15 ومعنى الآية أن هداية كل إنسان وضلاله لنفسه لا يحمل أحد ذنب أحد ولا يدفع عنه مثقال ذرة والله تعالى أعدل العادلين لا يعذب أحدا حتى تقوم عليه الحجة بالرسالة . وقال تعالى :»والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم» سورة محمد الآية 17 ويبين الله تعالى في هذه الآية حال المهتدين الذين اهتدوا بالإيمان والانقياد واتباع ما يرضي الله عز وجل وهؤلاء زادهم الله هدى شكرا منه تعالى لهم على إيمانهم ووفقهم للخير وحفظهم من الشر وجزى الله المهتدين العلم النافع والعمل الصالح. وامتن الله على أهل الجنة بهذه النعمة فقال تعالى: «ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله» سورة الأعراف الآية 43.
والانسان الذي يريد الله أن يهديه إلى الدين الإسلامي يشرح صدره وعلى العكس من ذلك من أراد له الشقاء والغواية فإنه يضيق بهذا الدين ذرعا حيث قال تعالى: «فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون» سورة الأنعام الآية 125.
النفس الإنسانية
واهتمت السنة النبوية بهداية النفس الإنسانية كما قال النبي، صلى الله عليه وسلم، للأنصار: «ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي» وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، يسأل ربه الهداية فكان يقول: «اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى» وكان، صلى الله عليه وسلم- يدعو لأصحابه بالهداية ويرشدهم إليها كما جاء في حديث جرير بن عبدالله أنه قال: لقد شكوت إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أني لا أثبت على الخيل فضرب بيده في صدري وقال:«اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا» وفي حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قدم طفيل بن عمرو الدوسي وأصحابه على النبي- صلى الله عليه وسلم، فقالوا يا رسول الله إن دوسا عصت وأبت فادع الله عليها فقال: «اللهم اهد دوسا وائت بهم» وفي حديث علي، رضي الله عنه، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال له قل: «اللهم اهدني وسددني».
ومن أنواع الهداية أن يهدي الله تعالى الإنسان للقيام بالأعمال الصالحة والأخلاق الحسنة مع الناس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اغفر لي أخطائي وذنوبي كلها وارزقني واهدني لصالح الأعمال والأخلاق فإنه لا يهدي لصالحها إلا أنت ولا يصرف عن سيئها إلا أنت» ومن أفضل أنواع الهداية أن يهدي الله العبد للقيام بالتوحيد والبعد عن الشرك بالله حتى ينال الأمن في الدنيا والآخرة.
ومن أسباب الثبات على الهداية الدعاء والمسارعة إلى الأعمال الصالحة قال تعالى: «ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا. وإذا لأتيناهم من لدنا أجرا عظيما. ولهديناهم صراطا مستقيما» سورة النساء الآيات 66-68 .

رسولنا كالأب للأمة في الشفقة من جانبه وفي التعظيم من طرفهم

إنَّ المتتبع لحديث القرآن الكريم إلى من نزل عليه القرآن، صلى الله عليه وسلم، يجده كله حديث لمحمد، وعن محمد، عن صقله وتربيته، عن توجيهه وإعداده، عن دعوته ورسالته وما نزل عليه وما دعا الناس إليه، من أجل ذلك أقول إنَّ حديث القرآن الكريم عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إنما هو في حقيقته حديث عن القرآن كله، وعن كل ما يحفل به وما تعرض له، ثم هو بالتالي حديث عن الإسلام مفهوماً وعقيدة وشريعة، ومن ثم فلا غرابة إن قلنا إن حديث القرآن عن رسول الله حافل فياض تقصر الطاقات البشرية عن جمعه والإحاطة به، إذ هو في حقيقته متعدد متشعب يحتاج إلى طاقات خارقة، عالمة عارفة متخصصة متعمقة لتجلو مناحي الحديث وزواياه، وتكشف في صدق وعمق وحق عن حجبه وأقطاره، وكان من ضمن ما تعرض له القرآن الكريم من حديث عن شخص رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه صاحب النبوة الخاتمة والرسالة الأخيرة، يقول سبحانه: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ)، «سورة الأحزاب». ويقول سبحانه: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)، «سورة الشورى، الآية 52».
الرسالة
(كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ)، «سورة البقرة، الآية 151». ويؤكد النبي، صلى الله عليه وسلم، هذا الختم للنبوة والرسالة في كثير من أحاديثه، فيروى الإمام مسلم رضى الله عنه أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ (فُضِّلْتُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً وَخُتِمَ بِي النَّبِيُّونَ). ويروى كذلك أيضاً عن أبي هريرة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَكْمَلَهُ، إِلا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهُ فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ وَيَعْجَبُونَ لَهُ وَيَقُولُونَ: هَلا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟ قَالَ: فَأَنَا اللَّبِنَةُ، وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ».
يقول العلماء، إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كالأب للأمة في الشفقة من جانبه، وفي التعظيم من طرفهم، بل هو في حقيقة أمره في منزلة أسمى وأرفع؛ لأن النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، والأب ليس كذلك، وعندما ختم الله برسوله النبيين كان في ذلك بيان يفيد زيادة الشفقة من جانبه ذلك أن النبي الذي يكون بعده نبي إن ترك شيئاً من النصيحة والبيان يستدركه من يأتي بعده أما وأنه لا نبي بعد محمد، صلى الله عليه وسلم، فإنه يكون أشفق على أمته، وأرحم وأهدى لهم، إذ هو كالوالد لولده الذي ليس له غيره من أحد. كذلك نظر الإمام القرطبي إلى قول النبي، صلى الله عليه وسلم، «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، فأخذ منه أن إتمام مكارم الأخلاق يعنى إكمالها، ومن ثم فلا حاجة لنبي يأتي بعد محمد، صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قد كملت به الأخلاق، وتم به الدين، وإذا كان هذا جانب من فلسفة العلماء لختم النبوة والرسالة، فإننا يمكن أن نزيد عليه بأن الإنسانية في مهدها لما تتفتح عيونها، والكون من حولها غر ساذج، والعقل البشرى بحكم ما ركب فيه من طبيعة تكوينية يقصر عن إدراك القيم والمفاهيم، والطبائع لم تصقلها يد التوجيه والمعرفة، في حين أن الله سبحانه أراد للإنسانية أن ترقى وتنهض، وقدر للكون أن يسمو ويتطور، وللعقل أن يعمل ويفكر، وللطبائع أن تتمايز وتصفو أرسل رسله وهداته ودعاته يبنون ويبينون، ويقون ويقومون، لكل رسول دعوة ومجال، ولكل مرشد فسحة وميدان، ولكل داعية ناحية يدعو لها، ويعمل من أجلها تجمعهم جميعاً كلمة التوحيد، وتحرير الناس من عبادة المخلوق، إلى عبادة الخالق، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة.
رسالة موسى
ومن ثمّ كانت رسالة موسى إلى قومه هداية وتحرير من ضلال الباطل إلى نور الحق، ومن عبودية فرعون إلى عبادة رب فرعون. وكانت رسالة عيسى ترنو إلى تخليص قومه من إيسار المادة وعبادة الأوهام ليصل بهم إلى القدير الحكيم الذي أعطى المادة هيأتها، والكائنات صنوفها وألوانها ومن قبلهما تناول كل نبي ورسول في دعوته بجانب الاتجاه التوحيدي منحى خاص يقوم فيه ما اعوج عند أهله وقومه، ورسل الله كثر (وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيهَا نَذِيرٌ)، «سورة فاطر، الآية 24». كل أخذ دوره، ووضع لبنة في بناء الإنسانية. ثم أراد الحق سبحانه لهذا البناء أن يتكامل، وللإنسانية أن تبلغ رشدها وذروة قمتها، فأنعم عليها بالنبوة الخاتمة والرسالة الأخيرة رسالة محمد، صلى الله عليه وسلم، التي حملت في دعوتها خطاباً متكاملاً للروح والجسد، والعقل والبدن والدين والدنيا، فتفتحت أعين الإنسانية على مثل وقوانين: مثل سماوية هادية، وقوانين إلهية أيقظت الوجدان وألهمت الأرواح. وفي الوقت ذاته كملت للبشرية بهذه الرسالة الخاتمة راحة النفس، وصفاء الروح، ونقاء الضمير وسلامة الوجدان في ظل شريعة عامة وصفت بالتمام والكمال والشمول، فاستحقت بذلك أن تكون خاتمة للشرائع، واستحق صاحبها أن يكون خاتماً للأنبياء والمرسلين (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا)، «سورة المائدة، الآية 3». وقرن الله سبحانه هذه الشريعة بكتاب منزل من قبل العلى الأعلى وصفه منزله بأنه روح (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا)، ووصفه منزله سبحانه كذلك بأنه نور (قد جاءكم من الله نور)، فكان روحاً أحيا الله به موات القلوب، وكان نوراً تبدت به معالم الطريق إلى الله، واستبانت من خلال أحكامه معالم السبيل إلى علام الغيوب.
وكان على يديه، صلى الله عليه وسلم، تمام مكارم الأخلاق، فلم يترك في البناء نقصاً ولا ثغرة، فرأب الصدع وجمع القلوب على كلمة التوحيد، ومن قبل كانت كل شريعة خاصة بأمة الرسول الذي بشر بها يعروها النسخ والزوال بموته؛ لأنها ما شرعت إلا لتلك الأمة، فلا تتلاءم مع أمة سابقة، ولا تتواءم مع أمة لاحقة، وهكذا قدر الله سطر فيه لكل أمة شرعة ومنهاجا، وهذا من حكمة الله أن جعل الواجب الملقى على عاتق الأمم يتلاءم مع مقدار الحق المأخوذ، فالأمم كالنفسيات ما يصلح لواحدة لا تصلح به الأخرى، فلما اكتمل للبشرية إعدادها النفسى أنعم عليها بخاتمة الرسالات ونهاية الشرائع، شريعة الله المنزلة على قلب عبده وخاتم رسله محمد صلى الله عليه وسلم.
د. محمد عبد الرحيم البيومي